في القمة العربية الأخيرة سلّم الشيخ تميم آل ثاني رئاسة القمة للكويت، بعد انتهاء فترة رئاسة قطر للقمة العربية، وكان لافتاً في خطاب الشيخ تميم تركيزه المبالَغ فيه على القضية الفلسطينية، وإلقاء اللوم على أصدقاء قطر في تل أبيب لتعنّتهم، تماماً كاللوم الذي وجهته قطر سابقاً لحلفائها في طهران، على دعم بشار الأسد.

كما بدا امتعاض الوفد المصري واضحاً خلال إلقاء الشيخ تميم لخطابه، ولاسيما وأن أداء الجزيرة ازداد تركيزاً على مشاهد المظاهرات الإخوانية فقط، إضافة إلى ازدياد العنف والموجه ضد جنود الجيش والشرطة.

كما أن الخطاب القطري أثنى على الدستور التونسي، متجاهلاً الدستور المصري الجديد، وهو ما اعتبر تمادياً في تجاهل خيارات الشعب المصري، وتأييداً لدستور الدولة الإخوانية الوحيدة الباقية من دول «الربيع العربي».

القمة العربية في الكويت كانت فرصة لقطر لاستيعاب سحب السفراء الخليجيين، إضافة إلى السفير المصري بالطبع، إذ تبين للدوحة حال العزلة العربية التي تعيشها، وأن سحب السفراء لم يكن عتباً عابراً، كما أن الكويت رفعت يدها عن مبادرة الصلح، وحتى العمانيون لم يبدوا مستعدين للمبادرة بحمل ملف المصالحة.

نتيجة القمة أدت إلى سعي الشيخ تميم لكسر العزلة، عبر جولة زيارات عربية، بدأت من الأردن الذي لا يشهد وفاقاً كبيراً مع قطر، ولاسيما في ما يتعلق بتمرير الأسلحة للأطراف المحسوبة على قطر، الذي أدى سابقاً إلى تعليق المساعدات القطرية للأردن، ضمن باقة المساعدات الخليجية التي أقرت للأردن في ٢٠١١.

ويبدو أن الحاجة القطرية إلى كسرة العزلة وحاجتها أكثر إلى بقاء الأطراف المحسوبة عليها قوية في سورية هو ما دفع إلى هذه الزيارة غير المجدولة، تلا ذلك زيارة السودان الدولة العتيقة «إخوانياً»، التي تعاني من مشكلات اقتصادية جمة، ولاسيما انخفاض معدل النقد الأجنبي، وقد دعمت قطر الخزانة السودانية ببليون دولار، قيل إنها لدعم مشاريع قطرية في السودان.

وحرص وزير الخارجية السوداني علي كرتي على التأكيد بأن الزيارة «معدة سلفاً ولا علاقة لها بما جرى في المنطقة في الفترة الماضية»، بينما أتى التصريح السياسي الذي تحتاج إليه قطر عبر وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان، الذي أشار إلى «تطابق وجهات النظر» بين البشير والشيخ تميم «في القضايا الإقليمية والدولية كافة».

بعدها زار الشيخ تميم الجزائر، الدولة الداعمة لبشار الأسد، والتقى كذلك وزير خارجية أميركا جون كيري، الذي لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الشأن السوري، وتسليح أطراف إرهابية تراها الولايات المتحدة خطراً، ولا تحبِّذ أن تصل إليها أسلحة نوعية تقوِّي شوكتها، أو تضر بميزان القوى الذي تريده أميركا، بتوازن بين النظام والمعارضة، مع حظوة أكبر للنظام من ناحية التسليح والسيطرة، وهو الوضع المتوقع استمراره حتى انتهاء رئاسة أوباما.

زيارة تونس كانت مهمة لدعم ما بقي من حكم «الإخوان»، ومجمل الزيارات كانت محاولات لكسر العزلة العربية بعد العزلة الخليجية، كما شهدت عودة «المال الحلال» عبر الدعم السخي للسودان، إذ أعادنا هذا الدعم إلى تصريح حسن نصر الله إبان إعمار لبنان، بعد مغامرة حرب تموز ٢٠٠٦، إذ اعتبر الدعمَ الإيراني والقطري – في نظره – مالاً حلالاً، ودعمَ السعودية حراماً، وهو حرام عليهم بالنتيجة.

 

 

صحيفة الحياة

http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/1632701

07 أبريل 2014

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *