في مقالة الأسبوع الماضي «التنفيس يُسقط الرئيس»، تناولت السبب الرئيس لإزعاج الرئيس المقبل في مصر، وهو غالباً المشير السيسي، معتبراً أن الحرية الإعلامية التي أسس لها مبارك، وأجل قمعها مرسي حتى يستقر له الحكم، هي الخطر الحقيقي في نظر الحاكم المقبل، ولا بد من أن باسم يوسف كأيقونة للسخرية هو عنوان هذا الإزعاج، إذ إن الصبر عليه مزعج وقمعه مؤذٍ.
وهذا الأسبوع تفاجأنا بهدية من باسم يوسف لخصومه، عبر نسخه لمقالة كاتب بريطاني يهودي اسمه بن جودا بالنص، مع إضافة بعض العبارات المصرية القليلة، وتحويل العنوان من «لماذا لم تعد روسيا تخشى من الغرب» الذي نشرته مجلة بوليتيكو، إلى «لماذا لا يهتم بوتين»، والأسوأ ما أشار إليه موقع ساسا الذي ترجم المقالة ونشرها، إلى أن باسم يوسف نقل ترجمة الموقع.
عاد باسم واعتذر من الكاتب على «تويتر»، واعتذر من القراء عن سقوط ذكر المرجع الذي اقتبس منه المقالة في آخر أسطر المقالة، متعذراً بانشغاله بالتجهيز للحلقة والضيوف، وبما أن باسم خلال الموسم الحالي كثف من هجومه على الإعلاميين، وغالبيتهم بالضرورة تابعون أو راضون عن النظام الحالي، فقد كانت فرصة كبيرة للتشفي من باسم، بعد أن سجل هدفاً بالخطأ في مرماه.
باسم يوسف حاول أن يسخر من الحادثة في بداية الحلقة الأخيرة، حين ظهر وكأنه ينقل من مقالة أخرى، ثم تحدث فيما يشبه الارتجال عن الخطأ من الشخصيات العامة، وشكر من انتقدوه مبيناً أنهم يضعونه في حجمه الطبيعي، واللافت في حديثه قوله إن البرنامج لن يكون مهدداً بالمنع، وإنما التهديد الحقيقي هو السقف العالي للتوقعات من محبي البرنامج. الشخص الكوميدي الساخر من المفترض أن ينقسم الناس حوله إلى صنفين، صنف يرونه مضحكاً لهم وآخر لا تضحكهم سخريته، أما في حال برنامج «البرنامج» فالقسمة تصبح على ثلاثة، قسم يحبك مطلقاً ويرتقي إلى مرتبه مشجع المدرجات، وقسم يكرهك كلياً ويكون في مرتبة مشجع مدرجات الخصم، وقسم يضع رأيه فيك بحسب موقفه السياسي ممن تسخر منه. المشكلة هذه المرة لم تكن أنه أغضب طرفاً من المجتمع على حساب آخر، أو انتقد زعيماً جماهيرياً فأغضب مؤيديه من جهة. كانت غرابة المشكلة أن المقالة كانت تحليلاً سياسياً لأحداث لا علاقة لمصر بها، المشكلة الحقيقية لن أقول إنه سرق عمل غيره، بل إنه كذب على جمهوره ولم يحترمهم، ولا شك أن الكارهين سيخوضون رحلة بحث في أرشيف المقالات السابقة، ولو وجدوا أنه سبق أن نسخ مقالة فستكون قاسمة ظهر.
برنامج باسم ما يزال يحافظ على مشاهدات عالية، وأسهم في استمرار وهجه الإعداد المميز، وساعد في تسويقه المنع والتوقف ثم الانتقال إلى محطة أخرى، كما أن الأداء الثابت لباسم هو أحد أركان نجاح البرنامج، ولكن صدقية باسم اليوم على المحك، فقد تمر حادثة المقالة وتُنسى كأي غلطة لنجم غفرها له جمهوره، أو تسقط إذا ما وجد خصومه خطأ آخر منه.
السؤال الذي أشغلني عندما تابعت الحادثة: ما الذي يدفع نجماً تلفزيونياً ساخراً إلى أن يتمسك بكتابة مقالة أسبوعية على رغم انشغاله وقدرته على التعبير عن آرائه على «تويتر»؟ وهل تأثر بالحملة المضادة من 2012 التي نعتته بـ«المهرِّج والأراجوز»، ليبحث بعد ذلك عن بُعد ثقافي من خلال الصحافة؟
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/1315304
الاثنين 24 مارس 2014
اترك تعليقاً