انتقد الأمير تركي الفيصل الولايات المتحدة وبريطانيا، بسبب عدم تقديمهما المساعدة العسكرية الكافية للجيش السوري الحر، مشدداً على أن إنهاء نظام الرئيس بشار الأسد هو الحل الناجح للأزمة، وقال في مقابلة مع وكالة «رويترز» على هامش مؤتمر السياسة العالمي في موناكو، إن معارضي الأسد يواجهون وضعاً صعباً منذ بداية الصراع السوري، لأن واشنطن ولندن رفضتا مساعدتهم.
وأضاف أن الأمر «الأكثر ضرراً» هو أنه منذ بداية هذا الصراع ومنذ ظهور الجيش الحر «كرد على إفلات الأسد من العقاب»، لم تتقدم بريطانيا والولايات المتحدة بالمساعدات الضرورية التي تسمح له بالدفاع عن نفسه وعن الشعب السوري أمام آلة القتل التابعة للنظام.
وأوضح أن «هناك وضعاً يملك فيه طرفٌ الأسلحة كما الحال بالنسبة إلى نظام الأسد مع دبابات وصواريخ، والطرف الآخر يصرخ طالباً الحصول على أسلحة دفاعية في مواجهة هذه الأسلحة الفتاكة التي يملكها الأسد»، وتساءل «لماذا يتعين على النظام وقف القتل»؟
يشار إلى أن الدول الغربية أحجمت عن تقديم أسلحة ثقيلة مثل راجمات الصواريخ المضادة للدبابات إلى المعارضة السورية، خشية احتمال وصولها إلى الجهة «الخطأ»، ومن المعلوم أن العديد من مخازن السلاح العائدة للجيش الحر، سقطت في يد التنظيمات المتطرفة، وذلك عائد لإرهاصات عدة تتم على الأرض، على رأسها أن نظام الأسد حين يستعيد منطقة من الجيش الحر يتركها للقاعدة، كما أن حزب الله وبقية المليشيات المساندة للأسد لا تتصادم مع القاعدة، بل يتعاضد الطرفان على الجيش الحر.
وهذا ما أدى إلى تفوق المقاتلين الإسلاميين في سورية على الجيش الحر، إذ من المقرر أن يعقد ممثلون عن الجبهة الإسلامية التي تشكلت من فصائل عدة الشهر الماضي، محادثات مع مسؤولين أميركيين في تركيا خلال الأيام القليلة المقبلة، ونقلت «رويترز» عن أحد مقاتلي المعارضة من الجبهة الإسلامية توقعه بأن تناقش المحادثات مدى استعداد الولايات المتحدة لتسليح الجبهة وتكليفها بمسؤولية الحفاظ على النظام في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في شمال سورية.
ومن هنا، نفهم تشكك لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي عن فرص نجاح «جنيف2»، إذ يرى أن المعارضة السورية المعتدلة التي تدعمها فرنسا، تعاني من «صعوبات جدية»، وهو ما يدفع بفرنسا إلى التشاؤم في شأن الأزمة السورية برمتها على حد تعبيره، واستغربت فرنسا كما جميع حلفاء الجيش الحر من قرار أميركا وقف المساعدات العسكرية.
وبالطبع، فسياسة بريطانيا الخارجية وتصريحاتها هي دائماً المؤشر الأولي للسياسة الأميركية، لا سيما خلال فترة توني بلير ثم ديفيد كاميرون حالياً، على رغم انتمائهما إلى حزبين مختلفين، وظهر ذلك عبر مواساة السفير البريطاني في بيروت طوم فلتشر لنظيره الإيراني بعد انفجار السفارة، ثم نشرت السفارة على «تويتر» صورة للسفير وهو يتبرع بالدم لأحد مراكز الصليب الأحمر اللبناني بعد التفجير، وأرفقت الصورة بتغريدة جاء فيها: «تضامناً مع جرحى الهجوم الإرهابي على السفارة الإيرانية في بيروت، السفير طوم فلتشر يتبرع بالدم».
بعد حادثة تفجير السفارة بأيام، تم الاتفاق بين قوى 5+1 وإيران، وكان التفجير خدمة جليلة للملف النووي الإيراني، ولوقف تسليح الجيش الحر عبر اتهام القوى المتطرفة بالتفجير.
يبدو أن الترتيبات الجديدة في المنطقة تشير إلى أن الغرب يريد الذهاب إلى «جنيف2»، والجيش الحر أضعف ما يكون، حتى يراعى مصلحة ورغبة روسيا في عدم وجود دولة سنية، ومصلحة إيران في تدعيم الأسد أكثر، طالما أميركا راضية عن التزامها النووي، وهو ما يجعل المعارضة السورية تخفض من سقفها في «جنيف2»، وأما الشعب السوري فسيتبرع بدم أبنائه تحت رصاص الأسد، والبقية منهم سيموت متجمداً من البرد على الأرجح، وليس لهم إلا الله.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/OpinionsDetails/582543
الاثنين 16 ديسمبر 2013
اترك تعليقاً