السعوديون كانوا وزارة إعلام مصر إبان اعتصامات الإخوان ثم فضها، وأشرت إلى أحد الأصدقاء بأن الإحصاءات تؤكد أن حوالى ثلثي التغريدات «التويترية» على «هاشتاقات» الأزمة المصرية صدرت من السعودية، فرد عليّ بخبث، مذكراً بأن العدد بالتأكيد أكبر من ذلك، موعزاً رأيه إلى تزامن الأحداث المصرية مع العطلة السعودية. وبالتالي، وجد الكثير من السعوديين في الخارج. بعد أن اتخذ الشعب المصري قراره، وتصرف الجيش المصري، وأصدر خريطة الطريق، أصدرت القيادة السعودية دعمها وتأييدها لقرارات الجيش، مع مرور الزمن كان الموضوع المصري يخبو قليلاً، ويفارق صدارة نشرات الأخبار، لا سيما مع اشتعال سورية، خصوصاً بعد مجزرة الغوطتين الكيماوية. عند تلك المرحلة ترجّل السعوديون لا سيما بعض الكتاب من خيل رابعة، وعادوا إلى وطنهم ذهنياً، ولكن الطرح المؤيد للإخوان السعوديين بدأ مع أولى نسمات الربيع، ولم يبدأ مع عزل مرسي أو فض رابعة، هذا حتى لا يزايد علينا من يتمنى أن لنا ذاكرة الأسماك، ويقول إن تأييدهم حديث ومرتبط بإيمانهم بقيم الديموقراطية والصندوق، وهم لم يجربوا إلا صندوق جمعيات خيرية كانت تجمع لهم المال في دول الخليج. الإخوان موجودون في السعودية منذ عقود ولا إنكار في ذلك، وكانوا يعملون في مختلف المجالات، وكان الاتفاق بينهم وبين النظام يتضمن ألا يقوموا بأي نشاط حركي، وإن كانوا لم يلتزموا بذلك تماماً، ولكن من اعتنقوا فكر الجماعة، سواء منهم من بايع المرشد أم من أعفي من البيعة بعدما تم تعديل نظام التنظيم الدولي للإخوان، وإسقاط البيعة عن الإخوان خارج القطر المصري، كانوا يخفون انتماءهم إلى الجماعة، سواء كان ذلك تنظيمياً أم تعاطفاً أم دعماً لوجستياً. احتراماً للعقول، يجب الإشارة إلى أن النعت بالإخوانية التي تطلق على الكثير ليست صحيحة، فهناك إخوان فعلياً أي عناصر حركية تنتمي إلى الجماعة، تدعم مادياً وإعلامياً لتشويش الرأي العام، وهناك بعض المتعاطفين من التيار الإسلامي الذين رأوا في مرسي مشروعاً إسلامياً. وفي المقطم «الباب العالي» لخلافة إسلامية، وما عدا ذلك ففي نظري ليسوا إخواناً، وأقول هذا كي لا نستخف بالعقول كما يفعل الآخرون الذين يجعلون كل من يخالفهم حليقاً «ليبرالياً»، وكل من يخالفهم ملتحياً «جامياً». السعودية كدولة ملكية يبايع الشعب فيها الملك، ويكون بالنتيجة هناك مشكلة إزدواج ولاء إذا كان في عنقك بيعة لملك ولمرشد، الارتباك كان أكبر بالنسبة إلى الإخوان الحكوميين، خصوصاً بعدما تحول رأيهم إلى مخالف للنظام الذي يعملون فيه، ولم يعد رأياً في موضوع عربي. وعليه، سارعوا لإنكار التهم، خوفاً من محاكم تفتيش طالما نصبوها لخصومهم، هم يعرفون أن مشروع الإخوان توسعي، يسعى إلى تصدير الثورة. عندما تحلل حديثهم ومقالاتهم تجد أنهم يخشون من أن يعاملهم أحد بممارساتهم لا سيما في الثمنينات الميلادية، حين ابتدعوا التصنيف للتخلص من الخصوم، وحين استخدموا الألقاب الهازئة من كل منبر إعلامي خصم، ومن لم يعرف أدب الخصومة فلا ضير إن ظن بأن الفُجر في الخصومة هو الأصل. الحقيقة أن ربيعنا، نحن العرب، حمل رياحاً قويةً، سمحت للبعض بالتحليق عالياً، ولكن من لا يملك قدرة الطيران يسقط سريعاً، ويظل الاعتماد على الريح أمراً موقتاً، ولا بد من الإشارة في النهاية إلى أن أي تشابه بين ما ذكر في المقالة وأشخاص في الواقع شيء طبيعي، وأن الخيال لا يتجاوز ما كانوا يحلمون به من قلاقل.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/OpinionsDetails/554747
الاثنين 23 سبتمبر 2013
اترك تعليقاً