|
يبدو هناك متلازمة إنكار وإنفصال عن تقدير الواقع والعواقب تصيب العديد من الزعماء العرب، وبكل تأكيد يصل هذا التأثير لبعض الدوائر المقربه منهم عن صد أو جهل، ويتعدى ذلك إلى بعض الجمهور الذي ينفصل عن واقعه أيضا.
خلال فترات كثيرة ومنذ سقوط نظام صدام حسين في ٢٠٠٣، وصولا إلى الربيع العربي وخصوصا الدول التي ضربتها الثورات، نجد الكثير من الزعماء يُخطي في تقدير شعبيته، ويُخطى حتى في تقدير قوة وتماسك أجهزته الأمنية، إذا كان القمع هو خياره ضد الشعب.
بن علي إبتداء أخطأ تقدير الوضع التونسي وإن قال: “فهمتكم”، حيث هرب من تونس على أمل أن تكون سحابة صيف وتنجلي، متناسيا أن سحب يناير قلما تمر بلا مطر، مبارك بعد تأخره في مطالب الشعب وتأخره في تقديم ما يكفي المتظاهرين ، وحين أصبح سقوطه هو المطلب قدم ما هو أقل، وحتى حين تنحيه أعتقد أن الثورة ستسمح له بالترجل والتنزه في شرم الشيخ.
حسني مبارك يبدو أنه ترك شئ من العدوى في كرسي الرئاسة، حيث كرر محمد مرسي خطأ تقدير الوضع السياسي ، وأخطأ تقدير مهل الأسبوع ثم ال٤٨ ساعه، وأعتقد أن الملايين الهادره ستقبل بتجاهله الإنتخابات المبكرة، حين كان الجيش يقيله وجماعته من المشهد السياسي، معتمدا على الأمريكان ومتناسيا مقولة سابقة وهي ” المتغطي بالأمريكان عريان”.
في ليبيا كانت الصورة قريبه من ذلك ، فالقذافي ظل مراهنا على نجاح المرتزقة الأفارقة في قمع ثورة بنغازي، حتى إنتهى تلك النهاية المقززة،وإذا نظرنا للبعث عراقيا نجد صدام ظل معاندا ورافضا الإنسحاب من المشهد، حتى إنتهى به المشهد في حفرة تحت الأرض.
والبعث في سوريا أيضا يضل يعاني من الغياب عن الواقع، فلم يحدث في التاريخ أن حصل هجوم بكل هذة المقدمات، فالجميع يرون أتون الضربة أتية لا ريب فيها، وإنما الشيطان في تفاصيل الضربة ومدى إيلامها، ورغم ذلك ما زال الأسد يطفئ اضواء مطاراته، أملا أن يكون ذلك دافعا لجعل ضربة الظلام أقل إيلاما، دون تدارك أن التلويح بالضربة هي أخر الفرص للخروج بالنهار.
هنا لا بد من الإشادة بذكاء ثعلب السياسة العربية، الرئيس علي عبدالله صالح الذي وحد اليمنين بدهاء بالغ، وظل ينتفع من الخليجين والأمريكان عبر زعم محاربة القاعدة والحوثيين، وأنتهى بالخروج من المشهد بعفو نيابي، يعفيه من محاكمه تضعه على سرير كمبارك.
حين ننظر لنتائج تصويت الشعب الإنجليزي صاحب الديموقراطية الأعرق، وإجبار السياسي للإنصياع بعدم المشاركة في ضربة سوريا، يتضح مدى تأثير الديموقراطية الحقيقية والإتصال بالشارع والحاجه لصوت الناخب، هي ما يجعل السياسي متصلا بالشارع، لا مقيما في صومعه كما يفعل أغلب السياسيين العرب.
اترك تعليقاً