|
نزل المصريون في يوم الجمعة ٢٦ يوليو في الطرقات والميادين، ليمنحو الفريق السيسي تفويضاً كما طلب لمحاربة “الإرهاب”، وهو الذي فهمه الناس على أنه تفويض بفض إعتصامات ميدان نهضة ورابعة العدوية.
وهو النزول الثاني بعد ٣٠ يونيو الذي منح الشعب فيه التفويض للجيش، بعد أن كان التفويض الأول تمردا على حكم الإخوان، الفرق أن التفويض الأول تحرك بعده الجيش وأعلن مهلة مدتها ٤٨ ساعه، وبالتالي أعلن عزل مرسي والدستور، أما التفويض الثاني فلم يتبعه سوى تصريحات متبادلة.
وكما يُحسب على مرسي أنه وحد أحزاب وطوائف مصر ضده، فيحسب للجيش -الذي سوق معنويا فكرة أنه الوحيد القادر على إسقاط الإخوان- أنه إستخدم هذة النتيجه لجعل الشارع ورقته الرابحه، وكما تأخر خطاب ال٤٨ ساعه عن موعده بضع ساعات، فقد تأخر إستغلال الجيش لمظاهرات التفويض، ولم يتم إزالة إعتصامات تأييد شرعية مرسي، وربما التأخير عادة عسكرية سقط فيها مبارك أولا.
وإذا نظرنا للتأخر نلحظ أنه يتأخر تبعا لإنتظار رد الفعل الغربي على كل رساله، فبعد مظاهرات التفويض قامت كاثرين أشتون بزيارة مصر ، وقامت بلقاءات مكوكيه مع كل الأطراف المتنازعه، بما فيهم الرئيس محمد مرسي، وبدى أن العنوان الرئيس لنتيجة الزيارة أن الأوروبيون نفضوا أيديهم من الموضوع، وأن فض الإعتصام بأقل عنف ممكن هو الحل الوحيد المجدي.
الغرب كان مترددا جداً في تأييد ما سماه إنقلابا، فقد تردد في التسميه وفي حسم موقفه أيضاً، وحاول الأمريكان الضغط لإعادة حليفهم جماعة الإخوان المسلمين للحكم، وبدأ التحرك الأمريكي متردد للغايه، حيث بدى للمراقبين أن سقوط الإخوان والتغيير السريع لم يكن متوقع أمريكيا، وبالتالي لم يكن هناك خطه معده للتعامل مع الوضع الجديد، خصوصا مع ما يكتنف وصف الحدث بالإنقلاب من المانع القانوني لتقديم أي معونات لمصر، وأمريكا لا تريد خسارة من يحكم أيا كان، على شريطة التأكد من أنه قادر على الحكم ولديه شعبيه.
إخوانيا يبدو أنهم صححوا الحكمه التي تقول : كل نظام يخلق معارضه تشبهه ، حيث أثبتوا أنهم أسوا بمراحل من نظام مبارك الذي عارضوه، لا سيما في أمرين الأول الإستخدام الفج للدين في السياسه، حيث كانت شعارات رابعه “أن الإسلام عائد” بدلا من “مرسي عائد”، والأمر الآخر أنهم أكثر عنتا وتمسكا بالحكم بل ويدفعون إلى المعادله الصفرية :” أحكم أو أحرق البلد”، وقد أعلنوها سابقا قبيل إعلان نتائج جولة الإعادة بين شفيق ومرسي.
وعليه فيبدو فشل كل زيارات أصحاب المبادرات راجعا لتعنت الإخوان، وعدم إدراكهم لتغير الأوراق التي في يديهم، فالموقف على الأرض أنهم معتصمين في رابعه العدوية، ويحركون العمليات الإرهابية في سيناء، ولكنهم يتعاملون كما لو كان رئيسهم ما زال في قصر الإتحاديه، ونوابهم في مجلس الشورى ودستورهم غير معلق.
الإخوان الذين أرادوا إبتلاع الكعكه بمفردهم قبيل ٣٠ يونيو، في مجتمع ذو أطياف عدة، يبدو أنهم تناسوا أن السياسة هي علم الممكن، وكانت ردودهم عباره عن رفضهم لنصف الكعكه، ثم رفضهم لربع الكعكه، وبتصريح كيري الخميس الماضي بأن : “الجيش أعاد الديموقراطية وإستجاب لملايين المصريين”، لم يتبق للإخوان من الكعكه إلا سكينها.
اترك تعليقاً