إغلاق البازار

يُفهم التصعيد الروسي تجاه السعودية وقطر الدولتان الداعمتان للجيش الحر بشكل رئيس، تزامنا مع الحراك الدبلوماسي الذي يقوم به وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في المنطقة حيث زار الدوحة لحضور مؤتمر أصدقاء سوريا، ثم انتقل إلى جدة للقاء وزير الخارجية السعودي، وأثنى على الدور السعودي في الأزمة السورية ،وكانت التصريحات السعودية تجاه رؤية الحل في قمة الوضوح خاصه ما قاله وزير الخارجية السعودي والذي بدى موجها ضد موسكو بالتحديد حين قال بوجوب استصدار قرار من مجلس الأمن بوقف تسليح النظام السوري .
كما أن التصعيد الغربي لاسيما من فرنسا وبريطانيا عبر تصريحات ويليم هيغ المتعلقة بتسليح المعارضة قبل أسابيع والتي تلتها تصريحات أمريكية في الأيام الأخيرة عن تسليح المعارضة أيضاً، والأخطر بالنسبة للروس هو فرض مناطق حظر طيران.
ويرى الروس ان الجهود الدبلوماسية السعودية ساهمت في تغيير وجهة النظر الغربية تجاه الأزمة السورية، فرغم التقارب الأمريكي الروسي في موسكو الشهر الماضي، والذي أعلن فيه كيري ولافروف أن الحل السوري سيتم في جنيف-٢، إلا أن أداء النظام السوري وحلفاءه على الأرض لاحقا، أكد على أن الحل السياسي لا يتجاوز كونه شعار للاستهلاك الإعلامي.
معركة القصير كانت أمر حاسم في نظرة الغرب للأزمة السورية، فقد أثبتت أن الجيش السوري وحزب الله بالعقيدة الروسية في القتال، والتي تسمى “الأرض المحروقة”، لا يمانعون تسويه الأرض بمن عليها حتى يبقون، فقد قضى في القصير ٤٠٠ امرأة وطفل على أقل تقدير، كما أن كذب الروس بخصوص دعم السعودية وقطر للقاعدة بدى جلياً، والمعروف أن إيران وسوريا هما الأقرب لدعم تنظيم القاعدة، واستغلاله سابقا في العراق، واستمرار استغلاله لشيطنه المعارضة السورية.
كما أن النظام السوري لم يحترم أي خطوط حمراء ، خصوصا تكرار استخدام الكيماوي، والذي ظل النظام يستخدمه منذ معركه الرستن قبل عام، والتي كانت تذوب فيها البيوت على أصحابها.
التصريحات الروسية لا تخرج عن سياق العنجهية السياسية ، فبوتين يبدو في غرور قوة منذ عودته للكرملين، عبر شعوره بعودة الإمبراطورية من خلال الإمساك بزمام الأزمة السورية، وتتابع الوفود الزائرة لموسكو للتنسيق قبيل معركة القصير، والقلق الروسي الحقيقي هو من أمريكا والغرب وليس من سواهم.
فقد فُهم إبقاء جزء من القوات والأسلحة الأمريكية في الأردن بعد المناورات، كإشارة إلى أن التدخل في الشأن السوري قريب، وهو حقيقه ما يرعب الروس كونهم وضعوا كل بيضهم في سله بشار، وكان عصيا عليهم الاستفادة من دروس أفغانستان.
الروس حاولوا أن يكونوا تجارا لا سياسيين في الأزمة السورية، فقد حاولوا أن يبيعوا وقف الفيتو على الخليجيين، ثم عادوا لبيع الفيتو على الإيرانيين، وباعوا الأسلحة للنظام السوري، ثم باعوا الوهم على الغرب ، عبر تسويق مسألة البديل الإرهابي، ولذا يبدون مرعوبين ومهددين بضرب الرياض والدوحة، لأن التطورات الأخيرة ومؤشرات فشل جنيف-٢ ، معناه هدم البازار الروسي وكساد البضاعة.

الموقع الشخصي
27 يونيو 2013


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *