كفى احتقاناً

لا صوت يعلو على صوت الكويت، المحكمة تصدر قراراً بسجن المعارض الكويتي مسلم البراك خمسة أعوام، وكانت التهمة الموجهة هي «الإساءة للأمير»، عبر الخطاب الذي ألقاه قبل أشهر عدة، وقد كانت الكلمة الرئيسة التي عُدت إساءة هي «كفى عبثاً».

بالطبع الأوضاع الآن في الكويت تقترب من فوهة البركان، وقد بدأ الاحتقان منذ حُل برلمان 2012، من خلال حكم المحكمة الدستورية، ثم إصدار الأمير لمرسوم يُغير الدوائر الإنتخابية، وهو ما سمي بمرسوم الصوت الواحد، الذي عدل القانون 42 لسنة 2006، بشأن إعادة تحديد الدوائر الإنتخابية، لتصبح خمساً بدلاً من 25 دائرة.

لقد إستند المرسوم الأميري على المادة 71 من الدستور الكويتي، التي تذكر «إذا حدث في ما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تتحمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم، تكون لها قوة القانون…».

هذه المادة من الدستور تصف الوضع الذي يقدر بالضرورة، وقد اختلفت المعارضة ولم تر الفترة بعد حل برلمان 2012 فترة ضرورة، وبدأت الخروج بمسيرات سُميت مسيرات الكرامة، مطالبة بسرعة نظر المحكمة في الطعن المقدم في حل المجلس، ثم المطالبة بعدم إجراء الانتخابات البرلمانية، وتمسكت الحكومة على الطرف الآخر بمرسوم الضرورة وإجراء الانتخابات.

ظل الطرفان كمن يسيران في اتجاهين متضادين، أو الأكثر إيلاماً أن كلاً منهما كان يسحب الكويت باتجاهه، وهذا ما يؤدي للتمزق – لا قدر الله – وهو ما لا يسعد إلا أعداء الكويت بالنتيجة، الحكومة من طرفها هللت لنسب مشاركة وصلت لـ 38 في المئة في الانتخابات البرلمانية، والمعارضة صعَدت من خطواتها باتجاه تدويل الأزمة الكويتية، عبر المنظمات الحقوقية والبرلمانات الأوروبية.

اليوم الحكومة الكويتية والمعارضة الكويتية كل يصعد، فالمحكمة أصدرت القرار مخالفة للمادة 34 من الدستور الكويتي، التي تشترط وجود محاكمة قانونية توفر للمتهم الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، التي يرى مسلم البراك أن القاضي لم يكفلها له، بعد انسحاب فريق المحامين، إعتراضاً على رفض القاضي لاستدعاء شهود النفي.

الوضع في الكويت متداخل إلى أقصى درجة، فالقبيلة موجودة ونشطة، والطائفة ظاهرة لا سيما في السنوات الأخيرة، وفي البرلمان الأخير بشكل أكبر، والديموقراطية موجودة بلا أحزاب، والإسلام السياسي يسير بقبعتي التنظيم والقبيلة معاً، وظاهرياً لا يبدو هناك حل يرضي طرفي المعادلة.

فرجة أمل فتحت يوم الإثنين الماضي، حين قضت محكمة الاستئناف الكويتية بالإفراج عن مسلم البراك بكفالة قدرها «خمسة آلاف دينار كويتي»، وبعد أن عقدت جلسة للنظر في الطعن الذي تقدم به، وإعطاء فريق الدفاع عنه فرصة للمرافعة مرة ثانية في قضيته الشهر المقبل، وبالطبع قرار محكمة الاستئناف مرشح أن يخفف الاحتقان لا أن يزيله.

ختاماً، على الكويتيين، إذا أرادوا أن يخففوا الاحتقان فعلياً، أن يتذكروا المادة 7 من الدستور الكويتي، التي تنص على «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين»، ويدركوا أن المخرج الوحيد للأزمة عبر التنازل عن بعض المطالب من الحكومة والمعارضة، ومن أجل الكويت.

 

 

صحيفة الحياة

http://alhayat.com/OpinionsDetails/506793

الخميس 25 أبريل 2013


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *