غرة أبريل موعد الكذب، ولكن حتى الكذب قبل 2013 كان له طعم أجمل، كان ما يزال للكذب ألوان، وكان الكذب الأبيض موجوداً، بين دعابات الأصدقاء والأزواج، وكانت المجلات تطالعنا بإشاعات لا تغضبنا، عن زواج فنان وطلاق لاعب وصفقه غريبه، ولكن كل هذا ينتمي بالتأكيد للماضي.
هذا اليوم يأتي ولا يوجد في النفس مقدرة على إستساغة المزاح صدقاً أو كذباً، أعود للتو من قاهرة المعز، حيث رأيت الوجوه شاحبه كما لم أراها من قبل، الشفاة خجلى من الإبتسام ، والحزن والبؤس لا يخجل من كسو الوجوه، تحادث البشر فلا يردون، فقد سار بهم الفكر بعيداً، بين هواجس في الحال، وذكريات من الآمال التي علقت على أسوار الميدان.
يأتي الأول من أبريل لنعجز عن إحصاء الكذبات في العامين الماضيين، ولا ندري كيف نحصي الكذب شرقا وغربا، كذب الأمريكان في إدعائاتهم بأنهم دعاة ديموقراطية، كذبوا حين قالوا إنهم أعداء الدكتاتوريين وأنصار الشعوب، سوريا التي لم يتحرك الأمريكان لنصرة شعبها، وضحاياها يقتربون من الوصول لأعلى رقم في تاريخ الحروب، كذبوا حين قالوا أنهم يريدون الخير للعراق بإخراج جنودهم.
كذب الأمريكان أيضا حين صوروا لنا أوباما عبر ماكينتهم الإعلامية بالملك الصالح، رأيناه براجماتيا محضا يطالب بتنحي مبارك بعد أيام من الثورة، ولا يطلب ذلك من بشار الأسد، بل لا ينتقد سياسات المالكي الطائفية في العراق، ويدعون دعم الديموقراطية وصندوق الإنتخابات، ويسمحون للمالكي بنهب حق علاوي جهاراً نهاراً.
رأينا كذب الإخوان المسلمين أو المتأسلمين في مصر وتونس، وعبر أبواقهم المعروفة من الخليج للمحيط، منحهم الملك تشكيل الحكومة في المغرب، فلم يرى الشعب لا إزدهارا إقتصاديا كما زعموا، ولا قضوا على الفساد كما طبلوا حين كانوا في المعارضه.
في تونس ومصر الصورة متشابهه، الفرق فقط في أن مصر تحت المجهر، وبأن الشعب التونسي أكثر إنفتاحا، في البلدين وخصوصا مصر، لم يرى الشعب لا مشروع نهضة، ولا إصلاحات معيشيه تحسن المرور أو الأمن أو حتى رغيف الخبز، وعود للمئة يوم الأولى، لم تتحقق حتى ونحن في المئة يوم الثالثة، يلقون بتقصيرهم على آثار النظام السابق، وكأنهم تقدموا للحكم في سويسرا ثم حكموا مصر فجأه.
في السعودية أثبت الحقوقيين بأنهم كذبة، خلطوا حق المجرم بحق المظلوم، خلطوا سجناء الرأي بسجناء القاعدة، وأتى دخول الأثيوبيين لإسقاط الإعتقاد بأن الحدود الجنوبية أمنه، وأتت هيئة مناكحة الفساد، لتقلم أظافر الفساد، بدلا من أن تقص أصابعه، ولا ننسى الصحة ووزيرها الذي لم يستطع أن يفصل نفسه عن الكرسي، ومزحته التي لا تصلح حتى كذبة لإبريل حين أهدى ريهام أي باد.
سمعنا عن الربيع في أكثر من وطن، ووجدنا الجراد قد أجهز على الربيع وما زرع قبله، أُمل الثائرون بشباب الميادين –شباب الصدور المفتوحة-، فأمسى هؤلاء الشباب أما مسجونين أو قيد التحقيق، وربما هاجر البعض لا سيما إن كان مسيحيا، يأتي غرة أبريل لا لنكذب ولو مزاحا، بل يأتي لنعجز عن إحصاء الكذبات، وأسوئها ما كان بإسم الدين ولطخته السياسة.
بوابة الأنباء
1 أبريل 2013
اترك تعليقاً