طوت 2012 صفحاتها، تلك السنة التي تلت عام الثورات، وإسقاط أنظمة عدة، في تونس ومصر وليبيا واليمن، هذا العام الذي بدأ وانتهى ولا صوت يعلو على صوت سورية، ولكننا للأسف نبدأ 2013 وما زال بشار الأسد في السلطة، وما زال الدم السوري في الشارع، وخلال هذا العام نزلت سورية من رأس نشرات الأخبار موقتا، بين الفينة والأخرى، ولا سيما عبر مناكفات ما بعد الانتخابات، في ليبيا وتونس ومصر بشكل أكبر. المناكفات أتت بشكل كبير بسبب الغبار، الغبار الذي أتى عبر بدايات تطبيق الديموقراطية، وهو غبار الرفوف بعد أن ركنت فيها الديموقراطية كثيراً، وغبار آخر أتى عبر داحس والغبراء التي نشبت في مصر بعد الإعلان غير الدستوري في 21 تشرين الثاني (نوفمبر)، واستمر إلى ما بعد التصويت على الدستور، وحدث في ليبيا عبر تعطيل تشكيل الحكومة برلمانيا، ثم اختيار رئيس جديد للحكومة، وصولاً للانقلاب على محمود جبريل رئيس الكتلة الرابحة في البرلمان، وبالطبع كانت تونس بين مطرقة مطالب شعبية اقتصادية، وبين سندان حلفائهم السلفيين الذين يريدون أن يغيروا واقع الحريات والفن بأيديهم.
وإذا عدنا للأحداث في معظم الدول التي أسقطت الأنظمة السابقة، وسعت في سبيل الديموقراطية، في اليمن وفي شمال أفريقيا، سنجد أنها جميعاً لم تصل إلى تطبيق الديمواقراطية بشكل كامل، بل وبالعكس هذا هو الطبيعي، على كل أمر تكون حديث عهد به، وهذا بالطبع ليس المشكل، فبالديموقراطية تختار الاختيار الخطأ، ثم تعود لتصحح اختيارك عبر الصناديق مرة أخرى، ومن يكون حاكماً يصبح معارضاً، وتستمر العجلة في الدوران، طالما أن حرية تداول السلطه ظلت مكفولة.
وبالطبع، فالأصل في البشر ليس الخير، ولهذا وضع الخالق التشريعات، ووضعت الدول قوانين العقوبات، ولهذا أهم ما يجب أن يتفق عليه السياسيون في الدول العربية هو قواعد اللعبة الديموقراطية، فالديموقراطية تأتي بالغالبية، ولكنها لا تغفل حق الأقلية، الديموقراطية تشمل حرية التعبير بالمطلق ما دامت لا تمس المقدسات، وفي الديموقراطية سلطة القانون هي أعلى من كل السلطات، ولا يوجد أحد فوق القانون.
وعادة لا تكون الأمور وردية في السياسة، فكثيراً ما يعتبر الحكام حرية الإعلام مكفولة، ولكنه يعني الحرية التي لا تمس شخصه وحزبه، ويقول إن حرية التظاهر مكفولة للجميع، ولكنه يضع كل العراقيل لتعطيلها عبر أذونات مسبقة ووجوب إخبار الشرطة، وتقييد المظاهرة في الزمان والمكان، على رغم أن البذرة التي أتت به للكرسي كانت مظاهرة، وفي السياسة «المشاحة في تفسير الاصطلاح»، وعليه فتفسير الديموقراطية كالنظام الأمثل متى ما أتت بحزبي للحكم، وتقويض الديموقراطية متى ما تبين أنها تقود خصمي السياسي للحكم، هو بلا شك النعش الأخير في الربيع العربي، الذي بلا شك سيأتي بكثير من الغبار والعواصف.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/OpinionsDetails/468606
الخميس ٣ يناير ٢٠١٣
اترك تعليقاً