جمعة كسر العظم

يوم الأربعاء الماضي 21 نوفمبر نجح مرسي في أول إختبارات الغرب له في غزة، ونجح في جعل حماس تلتزم بوقف العدوان على إسرائيل، ومنع الفصائل الفلسطينيه الأخرى من أي عدوان على إسرائيل، وداخليا في نفس اليوم كان شارع محمد محمود يغلي بالمظاهرات المندده بتعامل الشرطة السئ مع المواطنين، وعلق المتظاهرون لافتتات تحمل عبارات ” ممنوع دخول الإخوان”، وحتى لا ننسى فأحد أكبر شرارات ثورة 25 يناير كان تعامل الشرطة مع خالد سعيد والذي أدى لموته من الضرب.

في اليوم التالي خرج ياسر علي المتحدث بإسم رئاسة الجمهورية، ليقرأ إعلانا دستورا موقع في اليوم الذي سبقه، يشمل قرارات تنقسم لثلاث أقسام، أولا قرارات ثورية طالب بها الثوار كثيرا، من ضمنها إعادة المحاكمات وصرف معونات لجرحى الثورة، وكانت القرارات الثورية – إن صح التعبير- ، هي الغطاء الذي مررت به باقي القرارات.

القسم الثاني من القرارات، قسم دستوري يجعل الدستور يخرج من اللجنه العليا لتشكيل الدستور الحاليه، رغم الإنشقاق الكبير من ممثلي القوى المدنيه، عبر تحصين لجنه تشكيل الدستور ضد الطعون، بل ومد فترة عملها لشهرين والتي كانت فترة عملها تنتهي في 12/12/2012 ، وبالتالي تسقط إذا لم تكن إنتهت من مسودة الدستور، الإعلان الدستوري ذهب أبعد من ذلك إلى تحصين مجلس الشورى المنظور في دستوريته حاليا دى المحكمه الدستورية.

القسم الآخير يجعل مرسي نصف إله، فهو لا ينطق عن الزلل، وحتى لو نطق فليس لأحد نقض أي قرار إداري يتخذة، أو إتخذه منذ توليه الحكم، فالإعلان الدستوري
يحصن قراراته من الطعن أو الرد أو عدم التنفيذ، أو المحاسبه عليه من أي جهة قضائية، ولا تنسى كذلك عزل النائب العام بعد المحاولة الأولى التي فشلت في تعيينه
سفيرا للفاتيكان، وتعيينه لزوج أخت المكي إخوان (وزير العدل ومستشار الرئيس) كنائب عام.

الإعلان الدستوري نجح في لم شمل أغلب القوى المدنية، في مساء نفس اليوم للتنديد بالإعلان ومطالبة الرئيس بسحبه، وهو ما رد عليه مرسي يوم الجمعة
أمام قصر الإتحادية عبر تمسكه بالإعلان الدستوري ، رغم أنف الحشود التي ظلت تتوافد إلى ميدان التحرير وإن كان العدد أقل من ثورة يناير كثيرا.

أطلقت على الجمعة الماضية جمعة كسر العظم، لأنها إختبار للأطراف الأربعه على الملعب السياسي المصري، الطرف الأول هو القوى المدنيه والتي تتهمها القوى الإسلاميه بأنها لا تمثل الشارع المصري، وأنهم مجموعة أفراد تمثل النخب  المصرية، وبالتالي هي قوى لا تملك قدرة الحشد والدفع للتغيير، وسيكون الميدان إختبارا حقيقيا لها خصوصا أنها لم تجتمع وتنبذ الخلافات كما فعلت بعد الإعلان الدستوري الأخير.

الطرف الثاني بالطبع هم الإخوان وحلفائهم الإسلاميين، فمع ما ظهر للمحللين من أن ثمن نجاح مرسي في غزة هو فعل ما يحلو له في مصر، فإن القوى الغربيه
ستمارس ضغطا مساويا للضغط الذي يقوم به الميدان، وبالتالي قدرة الحكومة أمنيا على فض تجمعات الميدان بأسرع وقت.

الطرف الثالث والذي كان الطرف الأكثر تأثيرا في ثورة 25 يناير، ألا وهو الجيش المصري، وإن كان جيشا مختلفا عن ذلك الجيش ليس فقط في قياداته، ولكن في
ولائاته أيضا، أخيرا الطرف الأخير المنظم في مصر هو القبطيون، والذين يبدون في حالة غضب شديدة، بعد غياب مرسي عن تنظيم الأب توضاروس، وإصرار مرسي على المضى بلجنة تشكيل الدستور رغم إنسحاب ممثلي الكنائس الثلاث، وصولا لاستقاله سمير مرقص مساعد الرئيس لشئون الإنتقال الديموقراطي، وهو أخطر مركب مجتمع إذا تحرك لأن ذلك قد يؤجج لحرب أهلية.

إذن مصر تعيش الإختبار الداخلي الأكبر لمرسي، بعد تجاوزه الإختبار الغزاوي بنجاح، إما أن ينحني مرسي للعاصفه ويتراجع عن الإعلان الدستوري، أو أن يصر على رأيه كما يبدو حتى اللحظه، وعندها إما أن يكون إيذانا بحكما دكتاتوريا دائما للإخوان، أو تقهقر حكمهم إذا ما اتحدوا معارضيهم .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *