ما فتئ نجيب ميقاتي رئيس الوزراء اللبناني ، كلما أشتد الصراع بين 14 آذار و 8 آذار، أو كلما سئل عن الثورة السورية، أن يردد: تمسكه بسياسة النأي بالنفس عن أخذ جانب أي طرف، والحقيقة أن اللاموقف هو موقف بالطبع، فمن لا يبدي رأيا في أزمة بين طرف مدان بسفك الدماء، وطرف يقتل ويشرد ويسفك دمه، هو بالطبع إتخذ قرارا بخذلان المظلومين إنسانيا قبل أي إعتبار طائفي، وتخاذل عن تقديم الحد الأدني وهو الدعم المعنوي.
وبعيدا عن الحرج المعتاد لدى بعض الساسه اللبنانيين من الخوض في الشأن السوري لما عرف من عنف سوريا وعملائها مع أي معارض لبناني، التي لم تكتفي بتصفية خصومها السياسيين بل أيضا صفت الرموز الكلمة بالتخلص من جبران تويني وسمير قصير والناجيه مي شدياق، يبدو أن ميقاتي لم يخسر شعبيته عربيا ولبنانيا فقط ، بل يبدو أن شعبيته في الشارع السني في لبنان قد تراجعت كثيرا، بعد عملية إغتيال اللواء وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي.
ما أثر على وضع ميقاتي السياسي أن المعارضة لم يكن لها مطلب أجمعت عليه مثل المطالبه بإستقالته، وقد خرج ميقاتي متباكيا محاولا إنقاذ ما يمكن إنقاذه على مستوى الشارع السني لا سيما في طرابلس على أقل تقدير، وذكر في مؤتمره الصحفي أنه تقدم بإستقالته لرئيس الجمهورية، وأن الرئيس سليمان طلب منه التريث، ثم أعترف مساء نفس اليوم عبر حسابه في تويتر بأنه لم يسلم إستقالته للرئيس.
قوى الثامن من آذار حلفاء سوريا في لبنان يهددون بأن إستقالة الرئيس ميقاتي خطر على أمن وسلامة الشارع اللبناني، وهذا بالطبع ليس كما يزعمون لأنها الحكومه الوحيدة القادرة على حفظ التوازن اليوم، بل لسببين، الأول أن حزب الله وحلفاءه ليس لديهم شخصية بديلة سنية لشغل منصب رئيس وزراء لبنان لا سيما وكرامي محروق سياسيا.
السبب الثاني أن سوريا رغبت من أحداث عدة في أماكن عده في المنطقة، ،أن ترسل رسائل لأطراف عدة مفادها إستعادة النظام لقوته وأن قدرته على العبث البعثي ما زالت في أوجها، وليس هناك شخص أولى أن توجه له الرساله من مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي، والذي كان موجودا في
بيروت إبان تفجير الأشرفية ، لكن نظام بشار بالطبع أراد إيجاع الخصوم في بيروت بالحد الذي لا يصل لعاصفه تسقط الحلفاء من عرش الحكومة.
الرئيس ميقاتي بعد رئاسته للحكومة التي شكلت بعد إنقلاب حزب الله ، يقع بين خيارين أحلاهما مر، إما أن يستمر في حكومة تعتبر بشكل أو بآخر مسئولة عن إغتيال اللواء وسام الحسن، مع ما يحمله هذا خيار البقاء من تأثير سلبي على مستقبل ميقاتي السياسي، لا سيما في طرابلس، وإما أن يتبع الحد الأدنى من الإستقلاليه كما فعل الرئيس ميشيل سليمان، والذي تحدث بصراحه عن وجوب سرعه إصدار القرار الإتهامي بخصوص تفجير الأشرفية.
الرئيس سليمان حمل سوريا ضمنيا المسئولية في قضية ميشيل سماحه، عبر قوله: أنتظر مكالمه من الرئيس بشار لتفسير ذلك، بل أن الرئيس سليمان أجاب على سؤال عن مخاوف الوقوع في فراغ بعد إنتهاء فترة رئاسته، فأجاب : أن لا فراغ في ظل وجود دستور ينقل سلطه الرئيس لمجلس الوزراء حتى انتخاب خليفه له، والرئيس ميقاتي إذا اقتدى بنهج سليمان واستجاب لرغبات اللبنانيين أمام السراي، يكون قد أتخذ القرار الذي ينقذ تاريخه السياسي،
عبر النأي بالنفس عن المنصب، بدلا من أن يكون مصيره نعي نفسه سياسيا، لا سيما إذا سقط نظام بشار قبل أن يستقيل.
اترك تعليقاً