عندما ترغب في تحليل جريمة معينه، وتفتقد إلى الأدلة والخيوط التي تقودك إلى الجاني، فإنك عادة تبحث عن المستفيد.
قبل أشهر تم تفجير خلية إدارة الأزمه في دمشق، والتي شهدت مقتل أربع من كبار قيادات نظام بشار الأسد، وشيئا من الضبابية عن مصير شقيقه ماهر، وإن كانت أغلب الروايات تشير إلى بتر ساقيه نتيجة التفجير.
وبعد التفجير ظهرت أغلب التحليلات تشير إلى أن هذة العملية من تنفيذ الجيش الحر، بل وسارع الجيش الحر لتبني هذة العمليه، ولكن لو أردنا التفكير في مستفيد آخر قد لا يكون مستفيدا مباشرا، بل قد يبدو في تحليلنا الآني للحدث وقتها أحد أكبر المتضررين من التفجير، وهذا المستفيد من التفجير هو روسيا.
قد يبدو نسب التفجير لروسيا إبان حدوثه ضرب من الجنون، ولكن بعد أن أصبحنا على بعد مسافه كافيه من الحدث، فإن لهذا التحليل ثلاث أسباب تدعمه.
السبب الأول أن زوال عثرة خلية إدارة الأزمة، نقلت مقود القيادة بالكامل لموسكو، وألغت عن بشار وزمرته أي استقلالية حتى في تفاصيل العنف اليوميه، وهو ما شهدناه عبر الوتيرة المتزايدة للعنف منذ التفجير.
التفجير على نحو آخر أدى لزيادة رعب بشار الأسد على نفسه، مما أدى لمزيد من المغانم لروسيا من إدارة الأزمة السورية، عبر عقود أسلحه ما فتئت البواخر الروسية تنقلها، وقد صرح وزير الخارجيه البريطاني بأنه يتعذر عليهم تفتيش السفن الروسية، كما أن إقناع بشار بأن الجيش الحر خلف التفجير يجعله يشعر بأن بحور الدماء بلغت قدميه، وهو دافع أكبر للتسليح من روسيا بنهم.
أخيرا، يأتي صورة الوضع في سوريا للعالم، والذي كانت بعض مخابراته لا سيما الفرنسية تسعى لإسقاط أوراقه كما فعلت مع مناف طلاس، على شاكلة الوزير كوسا في ليبيا، حينما قرر الغرب دق مسامير نعش القذافي.
الصورة التي ستصل للعالم وخصوصا الغرب، بعد إزدياد وتيرة العنف منذ زوال خلية الأزمه، ستقنعهم أن بشار وحده المتحكم في الأمور، ويستطيع الإستمرار في القتل دون ماهر وبقية القادة العسكريين، وبالتالي ترفع ثمن الحل في سوريا، والذي سيقبضه الروس بالضرورة.
هذا التحليل ربما يكون على طريقة أغاثا كريستي في رواياتها البوليسية، التي تبقيك متشوقا وتنتهي بأن المتهم هو أخر من تشك به، ومن يدري فقد تكون هذه هي الحقيقة.
الموقع الشخصي
11 نوفمبر 2012
اترك تعليقاً