أسهم برنامج خادم الحرمين الشريفين بإبتعاث العديد من الطالبات والطلبة السعوديين، لينهلوا من علوم الدول التي شهدت تقدما علميا وأكاديميا، وخلال عيشهم في هذه الدول يكتسب العديد منهم خبرات ومهارات تتجاوز التحصيل العلمي بحد ذاته، حيث يستفيدون من أسلوب الحياة وما فيه من احترام الأنظمة، والبيئة الباعثة على البحث العلمي، وتكامل الجامعات مع القطاع الخاص وصانعي القرار.
وإذا حاولنا حصر منافع الإبتعاث عدا التحصيل العلمي، سنجد أن جلها يأتي من البيئة المحفزة، هذه البيئة التي تسمح للفكر بأن يبحر بلا حدود، وأن يكون لكل مجتهد نصيب، وتقدير لجهد المبتعث دوما ما دام دؤوب العمل، فالعديد من الجامعات تسمح للمبتعثين بتقديم بحوث إضافية لتحسين الدرجات، وتمنح بالتالي فرصة المنافسة والتقدم على الدوام.
وبما أن المرجو من المبتعثين أن يكونوا نفعا وخيرا لأنفسهم ووطنهم حال عودتهم، فإن ما حصلوه من علوم ومعارف، وكذلك من أساليب الحياة واحترام النظام والطابور وخلافه، فلا بد من تهيئة البيئة المناسبة لهم متى ما عادوا، لكي يفيدوا المنشآت التي يعملون بها، ويسهمون في نقل فوائد هذه التجربة لزملائهم وأعمالهم، مما يؤدي للهدف الأشمل وهو الرقي بسوق العمل، عبر أهم مركباته وهو الموظف.
وقد كلف هذا الهدف الدولة الكثير من الأموال والجهد والمتابعة، وكلف الطلبة وأهاليهم الكثير من التعب وهمَ الاغتراب وخلافه، وكي لا تذهب كل التكاليف المحسوبة والتي لا تقدر بثمن أدراج الرياح، أصبح اعتبار انتهاء البعثة هو تمام المهمة خطأ جسيما، وأصبح لزاما إدراك أن قطف الثمرة بالشكل الصحيح هو السبيل للحصاد الناجح.
ولا يتأتي حصاد منافع البعثة إلا بتوفير بيئة العمل الجاذبة، والتي تسمح للمبتعثين بتنفيذ ما تعلوه، وأن لا تكون بيئة طارده ومحبطه، تسبب لهم التكيف السلبي مع الجو العام القاتل للطموح، أو وذاك الأسوأ النفور من سوق العمل المحلي، لاسيما والعديد من دول الخليج أصبحت تستقطب الكفاءات السعودية، والتي أثبتت تميزها في مجالات عدة، لجمعها بين القدرة العلمية والكفاءة الذهنية، والاجتهاد في العمل متى ما وجدت بيئة تنافسيه.
اترك تعليقاً