كان التدخل الروسي المباشر في سوريا صفعة قوية لهيبة أمريكا، ولهذا حاولت الإدارة الأمريكية العازفة عن التدخل المباشر في المنطقة التقليل من شأن التدخل الروسي، حيث إعتبرت الإدارة الأمريكية أن سوريا مستنقع ستغرق فيه إيران وروسيا على حد سواء، الإدارة الأمريكية إعتبرت أن روسيا تهرب من أزماتها الإقتصادية إلى الأمام.

روسيا التي تعاني من عقوبات إقتصادية أوروبيه جراء تدخلها في أوكرانيا، بالإضافة إلى الضغط الذي مثله إنخفاض أسعار النفط ، أوحى للأمريكان أن القيصر سيتجه للإنكماش داخليا، وحين تدخل الروس في سوريا على عكس المتوقع، حاول الغرب تكذيب الأهداف التي قدمها الروس للعمليات في سوريا وعلى رأسها التصدي للإرهاب، والتأكيد على أن أغلب الأهداف التي تقصفها طائرات السوخوي تضرب المعارضة المعتدلة والتي درب الأمريكان عدد قليل منها.

التدخل الروسي صاحبه إستعراض عضلات وإستفزاز للأمريكان، أولاً عبر تجاوز سوريا إلى العراق والسعي للتدخل في العراق، والتي تعتبر أهم لدى الأمريكان من سوريا، وثانياً عبر القصف من السفن الحربية المتواجدة في بحر قزوين، كإشارة إلى أن روسيا عادت دولة عظمى تتوسع في المنطقة، على حساب الإنسحاب الأمريكي.

سياسيا توجه بوتين إلى دوشنبه عاصمة طاجكيستان، لحضور قمة زعماء الدول الأعضاء في “منظمة الأمن الجماعي” و التي تضم 6 بلدان من الجمهوريات السوفيتية السابقة، وهي روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقيرغيزيا وطاجكستان، مما أعطى إشارة أكبر على رغبة القيصر في التمدد لوسط آسيا، وهو ما يمثل تقاربا بين نفوذ روسيا والصين، وبالتالي تضييق فرص تواجد أمريكا هناك، توازيا مع المناكفات المستمرة بين الصين وأمريكا في بحر الصين.

كل هذه التحركات سببت ضغوط على الرئيس باراك أوباما من الجمهوريين والديموقراطيين على السواء، خصوصا مع العديد من المناظرات القائمة حالياً بين مرشحي الرئاسة، مع إقتراب نهاية فترتي الرئيس أوباما، وعسكريا كان الرد الأمريكي الوحيد بإبقاء الجنود الأمريكان في أفغانستان خلافاً لما وعد به سابقاً.

إنفجار الطائرة الروسية فوق سيناء بعمل إرهابي، كان فرصة مواتيه للأمريكان للإستهزاء بالروس وضعف تقنياتهم، مرة عبر عرض البيت الأبيض مشاركته في التحقيقات، وصولاً لتصريح الرئيس أوباما بأنه يعتقد أن الطائرة الروسية سقطت عبر عمل إرهابي، تم بزرع قنبلة في الطائرة قبل إقلاعها.

الإدارة الأمريكية يبدو أنها أصبحت جادة في لجم جموح بوتين، عبر البقاء في أفغانستان ثم زيارة كيري لقيرقستان، ثم أخذ تأكيدات من الحكومة العراقية على أن لا تطلب دعما من روسيا، لكن التصريح الروسي بعد تحطم الطائرة والذي ذكرت فيه أنها ستنشر دفاعات جوية في سوريا، يشير إلى أن أمريكا زودت المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات، حتى لا تجعل وجود الروس في سوريا نزهة.

أمريكا أعلنت أن الوجود الروسي في سوريا يربو على الأربعة ألاف عسكري، وأنها تنوي إرسال خمسين خبيرا عسكريا لدعم المعارضة، وبالتالي تريد أمريكا تقليل المفاجأت من جراء التدخل الروسي، وتحقيق أكبر خسائر لروسيا، حتى تستعيد جزء من هيبتها دون تدخل مباشر، مما يحقق نظرية أوباما بأن سوريا مستنقع، وما يضمن كذلك إلتزامه بعدم التدخل العسكري وبالتالي تجنب أي خسائر بشرية.

 

الموقع الشخصي

السبت 7 نوفمبر 2015


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *