مطامع الناس عادة لا تخرج عن ثلاث، مال وجاه وشهره، البعض يشتهي المرء بعضها والبعض يتمناها كلها، والبعض ينكر رغبته في أي منها، وتصرفاته تشير لخلاف ذلك.
وقد كانت الشهرة مرتبطة في أغلب عالمنا العربي مرتبطة بالمحسوبيات، حتى أتى إلى الساحة تويتر، فأصبح هناك نوع من المساواة، فأنت لا تجبر أحدا على متابعتك، عدا قدرتك على شراء متابعين، متزامنا مع الخوف من انكشاف أمرك.
وقد طالعتنا الصحف بخبر قد لا يصل للمفأجاه، يفيد بأن أغلب متصدري قائمه الشخصيات الأكثر متابعه في تويتر، لديهم متابعين وهمين، وتصل نسبه هؤلاء المتابعين الوهميين إلى ثلثي المتابعين في بعض الحالات، واستثنى الخبر من العشرة الأول الإعلامي بتال القوس.
كثير من التقنيات أُسئ استخدامها حالما حطت رحالها بين ظهرانينا، والقائمة طويلة للإتيان على هذه التقنيات، وقد كنا في أحايين كثيرة نرمي باللائمة استسهالا على التقنية، ونرمي على شماعة الغرب وكأن الغرب لا يخترع إلا ليضللنا، كارهين أن نعترف بسوء استعمالا للتقنيات.
أعتبر المشاهير المتصدرين القائمة بعدد المتابعين، وكثير من المستخدمين العاديين، أن عدد المتابعين وحده هو معيار التأثير، واعتبروه تأثيرا ناجعا لأنه خالي من الرقابة، وبالتالي يصل للمتلقين دون حذف أو تعديل، وربطوا بين عدد المتابعين والقدرة على قيادة الرأي العام، أو القيام بحملات لمقاطعه برنامج أو مسلسل أو منتج، أو للترويج لمنتجات أخرى.
والحقيقة أن الموضوع في الإعلام الجديد عامة وفي تويتر على وجه الخصوص، أعم وأشمل من ذلك، فعدد المتابعين ليس المعيار الأوحد والأمثل لقياس التأثير، فالمتابع في نهاية الأمر ذكي بالفطرة، يميز المحتوى الذي يصله، ومدى إقناع الرسالة الموجهة من المرسل، ويملك أن يلغي المتابعة بكبس نفس الزر الذي تابعك من خلاله، متى ما أغضبته أو أصبحت مملا، والأسوأ أن يلغي متابعتك حين لا يجد في ما تقدم أي إضافة له.
في تويتر سيضل مقياس التأثير بمدى تحقيق التغريدة لصدى في تويتر نفسه وفي المجتمع عامه، بمدى ابتسام المتابع وهو يعيد إرسال التغريدة ويخاطب المرسل في قلبه قائلا : صدقت لقد عبرت عني فعلا، سيضل الإعلام الجديد كالدراما وكالإعلام القديم، لا يلفت الناس إلا من يحس بهم، أو يبدع فيما يكتب لهم ويمثل إضافة حقيقية، لا فرق للمتلقي بين الإعلام الجديد والقديم سوى التقنية وسقف الحرية.
وستضل الحسابات الكرتونية -مهما بلغ عدد متابعيها- صماء للمتابعين، فمن يتابع رياضي أو شاعر أو عالم في تويتر، لن يسعد بتجاهله لأسئلته، ولو كان يرغب أن تكون الرسائل في اتجاه واحد يتلقاها فقط، لاكتفى بمتابعه برامج التلفزيون أو الراديو التي تبث نفس المحتوى.
ختاما، ستبقى المصداقية معيار مهم لمن سبحوا في بحر تويتر، لأن من يبث خبر كاذب ودون أدله كما في بعض الإعلام الذي نعرفه جيدا، مثل من خدع الناس عبر زيادة متابعيه للضعفين، عبر طرق غير نزيهة، ولا قدسيه لأحد في الشبكات الاجتماعية، وإن كان من قدسيه فصدمة المتابع أكبر حين يكتشف انعدام مصداقية من أحيط بهالة من القداسة، وبالتالي ومع نضج التجربة ستكون الثقة هي العامل الأهم للمتابعة عند غالب مستخدمي الشبكات الاجتماعية.
اترك تعليقاً