وطننا الذي لا نعرفه

عشنا سنوات والسياحة عندنا تساوي السفر للخارج، والسياح الذين نعرفهم هم الحجاج والمعتمرون، وحتى هؤلاء كان لهم مواسم محددة، بالرغم من أن العمرة متاحة على مدار العام.

ومع الإعلان عن رؤية المملكة 2030، والحديث عن تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتمادية على النفط، بدا للبعض ملف السياحة والضيافة كمورد اقتصادي رئيسي غير مقنع في البدايات، ومن سيأتي سائحاً إلى المملكة من أوروبا أو الصين.

لاحقاً تم الإعلان عن عدة مشاريع كبرى كالقدية ونيوم والبحر الأحمر، بالإضافة لتأسيس عدة هيئات كالهيئة الملكية لمحافظة العلا، التي تعد -بحسب رؤية سمو ولي العهد للعلا التي أطلقت في عام 2019- أكبر متحف حي مفتوح للعالم، وهدية المملكة للعالم.

هذه المشاريع فتحت أعيننا على كنوز متنوعة في المملكة، ومن هنا أحسنت وزارة السياحة حين استخدمت عبارة أهلاً بالعالم، باعتبار السعودية الوجهة التي تعبر في تفاصيلها المتنوعة عن العالم العربي، من البحر إلى الجبل، ومن الآثار في العلا وحائل والأحساء والدرعية، مروراً بالجو الجميل صيفاً في الجنوب.

أيضاً ما قدمته الوزارة الفتية وزارة الثقافة، من اهتمام بمختلف ألوان القوة الناعمة السعودية من الشعر والموسيقى مروراً بالأزياء وصولاً لفنون الطهي، والتي في أحيان كثيرة عرفتنا قبل أن تعرف الزوار بهذا الثراء الثقافي للمملكة.

واليوم ولربما من حسنات الجائحة أن دفعتنا جدياً للتفكير بالسياحة الداخلية، وسبر أغوار عدة مناطق في القارة السعودية، وأصبح رديف كل صورة جميلة، التساؤل المعتاد «هل هذه الصورة من السعودية؟»، وبالفعل السعودية أجمل وأجمل من ما كنا نعرف، وربما للمصورين المبدعين دور مضاعف في إبراز هذا الجمال، وتعريف العالم به.

الدول التي تنظر للسياحة كمورد اقتصادي رئيسي، تراهن عادة على الجو والطبيعة، أو على الآثار والتاريخ، وبعضها يراهن على المطعم الوطني المميز، باعتبارها أدوات جذب، لكن ماذا لو كان لدى المملكة كل هذا بالإضافة إلى ميزة نوعية لا توجد في كثير من البلدان.

هذه الميزة هي الشعب السعودي المضياف، الشغف الذي يملكه الشباب والشابات في كل المواقع السياحية، حرصهم على التطور في تعلم عدة لغات، الترحاب الذي يقابلون به الضيوف والزوار، الأمر الذي تحول إلى التعليق المشترك في تعليقات كل السياح، عن مدى كرم وترحاب أهل السعودية.

تجربة السائح أهم عامل فيها سيكون الإنسان، فالسياح في نهاية اليوم بشر والتعامل هو ما يترك الانطباع الأكبر، هذا كنز يجب أن نحافظ عليه، وندرك أنه ميزة نوعية تستحق أن تكون ركيزة في إستراتيجيتنا السياحية.

19 أكتوبر 2020
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2045155
صحيفة عكاظ

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *