في العام 1979 قامت الثورة الإسلامية في إيران، وأتى الإمام الخميني عائدا من منفاه في باريس ليحكم إيران، عبر إنقلاب على الشاه محمد رضا بهلوي حليف أمريكا، تلا ذلك عمليات إغتيال لكل من ينتمي للحكم القديم، والعديد من أعمال العنف والتصفيه، وقد قام الخمينيين بإقتحام سفارة أمريكا وإحتجاز رهائن أمريكيين في حادثه شهيره.

وفي الثمانينات الميلاديه قام الأمريكان في سفارتهم بالقاهرة، بإستضافه قيادات من الإخوان واللقاء معهم، وبعدها عاتب الأمن المصري الأمريكان على إختراق سيادة الدوله المصريه عبر هذا التصرف، وقدم الإثباتات على هذا اللقاء، ورد الأمريكان بوضوح: بأنهم لا يرغبون أن يأتي يوما ما حكاما لمصر لا يعرفونهم، في تفادي لتكرار خطئهم في إيران.

فترة حكم بوش وغرامه بالشرق الأوسط الجديد كما جاءه في الوحي، قامت أمريكا بالضغط الشديد على شفافية الإنتخابات في العالم العربي، والتي أدت لوصول الإخوان عبر حركة حماس في فلسطين، وحصول إخوان مصر على 88 مقعدا في مجلس الشعب المصري، وبالطبع تلا ذلك لقاءات بين نواب الإخوان والإداره الأمريكيه في الولايات المتحده وفي مصر أيضا.

في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر توجه محمد مرسي عضو مكتب إرشاد الجماعه للسفارة الأمريكيه بالقاهرة، لإبلاغ السفير برفض الجماعة للعمليات الإرهابية، وفي 29 مارس 2003 شارك نواب الجماعه في إحتفال أقامه نائب السفير الأمريكي، وتكررت لقاءات قيادات الإخوان مع أعضاء من الكونجرس ومسئولين في الخارجية الأمريكيه.

بعد الثورة قام نائب وزير الخارجية الأمريكيه وليام بيرنز إلى القاهرة، وإلتقى بقيادات الجماعة وإستمع لمفهوم الإخوان لمستقبل مصر، كما قدموا إلتزاما بخصوص المعاهدات القائمه مع إسرائيل، كما عبرت  هيلاري كلينتون عن إعادة الإتصالات مع الجماعه، وإنفتاح الولايات المتحده على الحوار، خلافا للغه التي إستخدمها الإخوان إعلاميا للتعبير عن موقفهم من أمريكا.

بعد أن إنتهت المرحله الأولى من الإنتخابات الرئاسيه في مصر، وشهدت تقدم محمد مرسي مرشح الإخوان، قال الرئيس السابق كارتر، في أول تصريح له بالقول: الإخوان سيحافظون على إتفاقيات السلام مع إسرائيل، في دعم واضح للإخوان، وتطمين للدوائر القلقه في أمريكا من التعامل مع الإسلاميين، وأخيرا إنتفض البنتاغون لشجب البيان الدستوري المكمل من المجلس العسكري، وهددوا بإيقاف المعونه الأمريكيه إذا لم يكن للرئيس “المتوقع إخوانيا” الصلاحيات الكامله، في تدخل صارخ في الشأن الداخلي المصري، لترجيح كفه فريق على أخر.

الشكل الذي تراه أمريكا لمنطقة الشرق الأوسط، هو بقاء هلال شيعي شرق وشمال الخليج، وهذا واضح من تسليم العراق لإيران، والتقاعس عن إسقاط النظام العلوي في سوريا، على الجانب الأخر وفي شمال أفريقيا، يبدو حكم الإخوان مثاليا لأمريكا، فقد أيدوا تحول الأنظمه للحكم الإخواني في ليبيا وتونس، وتشكيل حكومه كيران الإخوانيه في المغرب.

حكم الإخوان وتحديدا في مصر، يحقق للأمريكان أهدافهم الرئيسيه، وهي ضمان تدفق أمن للنفط، مما يحافظ على الأسعار التي يرونها مناسبه للنفط، مع الإشارة أن أسعار النفط ستنخفض دراماتيكيا كما بدأنا نشهد هذه الموجه، كما يحقق ضمان لسلامة وأمن إسرائيل، والتي تمثل بالطبع أولويه تسبق تداول السلطه وحقوق المرأه والحريات، التي يطالب بها الأمريكان ولكن لا تأتي على قائمة الأولويات، فالأمريكان كما سمحوا بدكتاتوريات في كل من العراق وتونس ومصر وليبيا، حين كانت الحاجه السياسية تقتضي، تفضل في شرق أوسط ما بعد 2011 أن تحكم أنظمه دينيه إخوانيه كانت أو خمينيه.

كما أن المشهد العام سيحقق توازن في الشرق الأوسط، ويمنع تفوق طرف على الآخر، حيث سيبقي دول الخليج بين كماشه نظامين: عدو شرقهم، ونظام إخواني الإختلافات كبيرة معه غربهم، وهو ما سيحقق إسرائيليا تحييد دول المواجهه، وإشغال دول المساندة.

ختاما من نافلة القول، أن خصومة الأمريكان أيدلوجيا مع الإسلاميين، لا تمنعهم من دعم الإخوان، ولا خلافات الإخوان عقائديا تمنعهم من طلب دعم الأمريكان وصولا للحاكميه، مبدأ شيخهم سيد قطب، إذن الأخوان هم المرشح الأفضل للأمريكان في شمال أفريقيا، وفي مصر على وجه التحديد، وهم في نظر دوائر القرار في الولايات المتحده أفضل من يحقق الأجندة الأمريكيه في المنطقة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *