سوريا تعيش أزمه منذ ما يقارب العام والنصف، لا نظام الأسد الوحشي تمكن من قمع الثورة، ولا الجيش الحر والإنشقاقات استطاعت إسقاط بشار، ويبدو وضع لا غالب ولا مغلوب –مع الإذن من نبيه بري-، هو وضع ترغب فيه أكثر الدول تأثيرا في المشهد السوري.

المشهد السوري تتحكم فيه عدة دول يأتي على رأسها إيران وروسيا وإسرائيل، ثم دول مؤثره بدرجات أقل أهمها تركيا، هذه الدول دعمت بقاء الأسد في سدة الحكم، أو دعمت عدم سقوطه معنويا كما في الحاله الإسرائيليه، التي أثرت بشكل كبير على الدور السلبي لأمريكا، وتراجعها عن التصعيد منذ الفيتو الروسي الصيني، والدخول في دوامة حرق الوقت والوطن عبر البعثات الدوليه للتهريج.

على الأرض يقوم الأسد بعمليات تطهير للمناطق ذات الطبيعة العلوية السنية المشتركة، طامحا في الوصول إلى 20% من مساحه سوريا، يكون دوله علويه إذا أضطر لذلك كأخر وأسوا الخيارات، وقد زاد من التصعيد العسكري في أخر الأيام مما حدا بالجنرال روبرت مود رئيس بعثه المراقبين الدوليين لتعليق عمل البعثه، معلقا على ذلك بزيادة الدمويه وعدم إستجابة الطرفين لوقف العنف، ودعونا لا ننسى أن ثورة سوريا أكثر ثورة إستمرت سلمية لشهور.

من نافلة القول أن إيران على الجانب الآخر تخسر أهم حليف في المنطقة ، ورغم تيقنها من زوال حكم بشار إلى أن التمادي في دعمه يحقق لها غايات عدة ، يأتي على رأسها فرصه السير الحثيث ببرنامجها النووي ، والذي لم يقدم له أحد جميلا كما فعلت الثورات العربيه، وسوريا أخر البؤرات المشتعله عربيا، وإستقرارها سيعيد برنامج إيران النووي إلى أولويات الأجندة الغربيه، كما أن الأزمه السوريه سمحت بالإختراق العكسي من حزب الله لسوريا، ومن العراق لسوريا، لوجود مسارات بديله لإختراق سوريا أيا كان النظام القادم.

إسرائيل تعرف أن نظام الأسد حليف مميز، وتعرف أيضا أنها قبل الأخرين من يحمي الجولان ويبقيه محتلا، وأن تصريحات مخلوف العام الماضي محاولة جلب دعم ليس إلا، إسرائيل كانت تلتزم الصمت وتعاتب كلينتون وغيرها من المسئولين الأمريكيين إذا صعدوا، ومؤخرا بعد أن أيقنت سقوط الأسد، تدرك أن “لا غالب ولا مغلوب” يدفع لعرقنة سوريا، أي أن تمثل سوريا دوله منهارة بلا جيش ولا بعث، وبأعلى مستوى تدميري للبنيه التحتيه، كما يقوم الأسد بإمتياز، مما يولد دوله مهترئه بلا مؤسسات تشابه العراق بعد 2003، والدول المنهاره خصوصا العربيه، تحتاج أعواما للبناء الداخلي ، والمناكفه بين الأطراف حول المصالح الضيقه، مما يحيد سوريا كخطر محتمل على إسرائيل.

لاعب الشطرنج الروسي لا ينسى أبدا من مخيلته الكش ملك الذي حصل له في رقعه ليبيا ومن أمام أمريكا والأطلسي، وخرج من أرض حليف مهم في خاصرة دول حوض المتوسط، خصوصا والمسائل الإنسانيه لا تعني شئ في قاموس السوفييت الدموي، بل حتى الديموقراطيه التي يعرفونها تشبه زواج المحلل ميدفيديف حتى يعود بوتين للكرملين.

الروس حاولوا إستغلال بيع سوريا أكثر من مره، فالفيتو في مجلس الأمن دفعته إيران، وبعده حاولت بيع تمرير القرار دون فيتو على قطر والسعودية تحديدا، وقد صرح رئيس وزراء قطر بأن مطالب روسيا مبالغ فيها، روسيا كذلك لا تريد خسارة الإستثمارات بعد تغيير أو تقليم النظام، والسبت 9 يونيو 2012 صرح لافروف بأن “موسكو لاتمانع رحيل الأسد إذا كان هذا مطلب السوريين”، في رساله للخليجين فحواها، نحن مستعدون لصفقة تغيير ناعم تشمل خروج أمن لبشار، على شاكلة الحل الخليجي في اليمن الذي خرج على إثره علي عبدالله صالح.

الموقع الشخصي

2 يوليو 2012


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *