إذا كنت تعتقد أن هناك خطأ في العنوان فهذا غير صحيح، وإذا كنت تعتقد بأن جزء من العنوان له علاقة بـ25 يناير أو 23 يوليو فهذا هو الصحيح، يوم 23 يناير 2012 هو اليوم الذي ستعقد فيه أولى جلسات البرلمان في مصر بعد مبارك، أو برلمان الثورة إذا صح التعبير مع التحفظ على أن عناصره ليست بالكامل عناصر الثورة.
عام 2011 عام الربيع العربي ،قامت فيه الثورات، وأسقطت فيه أنظمة عديدة بطرق مختلفة تبعاً لطبيعة الشعب ونوع النظام، فما حصل في تونس-شرارة الثورة- مختلف عن ما حصل في مصر ومختلف عن الأنظمة الوحشية في ليبيا وسوريا، وكذلك هو مختلف عن ما حصل في اليمن ذات الاختلاف القبلي والتركيبه العائلية الخاصة، والتي ربما لولا المبادرة الخليجية لكانت أسوا حالاً من ليبيا.
بعد انعقاد البرلمان بيومين هناك مطالبات كبرى بتظاهرة في ذكرى 25 يناير في ميدان التحرير،يرى الداعون لها أن هذه الثورة لا بد أن تقضي على حكم العسكر وأن يسلم الجيش السلطه ،ويطالبون بإصلاحات قضائية تشمل الاقتصاص لضحايا الثورة، وسرعة الحكم في قضية مبارك، والقضاء على مظاهر النظام الباقيه،من قيادات الداخلية وأمن الدوله خصوصا، بإعتبار أن النظام ما زال قائما، وما تغير هو رأس النظام فقط.
وهي مطالبات في أغلبها محقه، ولكن التغيير الجذري في كل أجهزة الدولة، خاصة الأمنية منها، سيؤدي لإنهيار الدولة بلا شك، تماما كالنموذج العراقي الذي حل الجيش ومنع أي بعثي من ممارسة أي نشاط، ومازال العراق ينشد الأمن ل8 سنوات دون جدوى،مع الاخذ بعين الاعتبار أن الأإختراقات الإيرانيه والإسرائيليه مستمرة، وتستغل الضعف الأقتصادي والأمني لمصر حالياً.
ولهذا مصر أمام محك ومنحنى تاريخي، إما أن تختار طريق تونس، وتبدأ ببناء العودة، وعودة المؤسسات للعمل، وتقييم البرلمان وإعادة إنتخابه إن نجح، وإنتخاب غيره إن فشل، وتسريع خطوات إنتخاب رئيس، مما يعيد هيبة الدولة، وكتابة الدستور الجديد كما يريد الشعب.
أو أن تختار مصر النموذج الليبي أو العراقي ربما، ويستمر البعض في المطالبات، وتزيد الدماء كل يوم في الطرقات، ويدفع الثمن فقط الشعب الذي يزداد فقرا كل يوم، ويزداد رعبا بين حين وآخر بسبب غياب الأمن.
ويجب أن لا ينسى المصريون، أن من أكبر مكتسبات الثورة، أن إحتكار السلطه أصبح عصيا على أي طرف كان، فإن حكم الإسلاميون وقد كانوا دخلاء على الثورة، فلا بأس طالما أنهم وصلوا بالصندوق، والصندوق يضمن وصول غيرهم إن أخفقوا.
الثورة كانت ضد إحتكار السلطه،وبمجرد أن أصبح هناك “تداول سلطه” ،إذا حتى من هم في المعارضة، لم يعد لهم قداسة قول “لا”،فالمعارض في عالمنا العربي مقدس، لأنه يهاجم فساد من كانوا في السلطه، وينتقد الخدمات، وهو الآن في السلطة ، وحين يكون على رأس وزارة خدمية ، سيقيم حسب أداء الوزارة لا تاريخ الوزير النضالي، وحين يكون نائبا سيقيمه ناخبوه حسب مستوى الخدمات في المنطقه، لا حسب طول لحيته أو سبحته.
حصلت خلال المظاهرات المستمرة في عام مضى على الثورة في مصر، أحداث دامية مثل ماسبيرو ومحمد محمود، اتهم الجيش فيها المندسين، واتهم بعض الثوار فيها الجيش، فمن الواضح أن هناك دائما مندسين يرغبون في إحراق مصر، أيا كان الطرف الذي يدسهم، لابد من قطع الطريق عليه، يجب عدم الانسياق خلف من يريدون إشعال مصر في يوم 25 يناير القادم.
بناء الدوله الجديدة، يجب أن يكون بناء تدريجي، ويجب أن توضع بين عتبات البيت، التسامح وقبول حتى أبناء النظام القديم، طالما أن يدهم غير ملطخه بالدماء، فلا تستطيع أن تنكر أن جل الشعب بشكل أو آخر جزء من نظام حكم لعقود، يجب أن نقر أيضا أن الجيش شريك في الثورة، وبالتالي شريك في الحكم، سواء ظننا أنه حمى الثورة، أو أن الجيش حمى حكمه الذي استمر لنصف قرن، ورأيي أن الصحيح هو مزيج من هذا وذاك.
محاولة نقل مصر إلى دوله ليس للجيش دور فيها هو إنتحار، الجيش عبر جميع ما قدمه من مظاهر وتطمينات، أظهر منها الجيش عدم رغبته في الحكم بتاتا، ولكن بقاء سلطه الجيش هو أمر مقبول مرحليا على الأقل، فأحيانا المكاسب المقبوله مع تجنب الخسائر، خير من مكاسب كبيرة بمخاطر ظاهرة، لا سيما والخطر هو تشرذم الوطن.
أعتقد مع مرور الوقت، أن التظاهرات لن تكون الوسيلة المثلى للديموقراطية، وإنما سيكون الضامن هو الممارسة الديموقراطية عبر البرلمان،وعن طريق الإعلام الجديد، الذي قضى على إمكانية إحتكار الرأي، عبر إعلام حكومي تقليدي، وحتى الحصانة المطلقة للجيش ، فالبرلمان الحر والرئيس الذي يأتي بصندوق ديمقراطي هما الضمانة الوحيدة أن لا يبقى أحد فوق الدستور، تماما كما حصل في تركيا.
ولكن نجاة مصر الآن هي في تحقيق حكم ديموقراطي وعدالة إجتماعية كما طالبت ثورة 25 يناير 2011، و ضمان لصلاحيات الجيش كما حققت ثورة 23 يوليو 52، ومحاولة كسر أحدى الثورتين للأخرى، لن يكسر إلا ظهر الشعب.
21 يناير 2012
اترك تعليقاً