سقوط الأخوان

هدد أنصار حسني مبارك بأن البديل هو الاخوان، وكذلك فعلت سوريا، وهدد القذافي بأن البديل هو القاعدة، وقد رأينا الإسلاميين وخاصة الأخوان يفوزون في تونس والمغرب، وبين فرحة بهم وتمني لنموذج الأخوان في تركيا، والكاريزما الخلابه لأردوغان لا سيما خلال الربيع العربي، لابد من الإقرار بأن ما هددت به الأنظمة البائدة صحيح.

وسأخص في هذا الموضوع حديثنا بالاخوان، وخاصة في مصر المحروسه، التي تصدر الذراع السياسي لها “حزب الحرية والعدالة” النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، ويبدو أن الاسم أُخذ نسخاً من اسم حزب الاخوان الحاكم في تركيا بتصرف، وهو حزب “العدالة والتنمية”.

و كنت قد أطلعت على دراسة للدكتوراه للكويتي د. هشام العوضي ، بعنوان “صراع على الشرعية الأخوان المسلمون ومبارك”، وهي دراسة مهمة سأعرج عليها في التفاصيل في مقال قادم إذا كان في العمر بقية، من أهم ما ذُكر في هذه الدراسة علاقة الأخوان منذ عقود بالحكم في مصر، وكيف أن الحكم لا سيما الثلاثة عقود الأخيرة وهي حكم مبارك كان ملزماً لها وجود عدو حميم كالأخوان، يتبادلون المواقع، وأن يكون فزاعة للناس، كذلك الوعي أنه لم يسجن أبداً في تاريخ الأخوان مرشد لهم لا سيما في عهد مبارك، مما يعني بالنتيجة أنه كان هناك علاقة تأزم موزونة بين الحكم والمعارضة المختارة.

لم يكن يُسمح للأخوان بتكوين حزب بذريعة حظر الأحزاب ذات المرجعية الدينية، ولكن كانوا في كل حزب حتى الحزب الوطني، -والذي لم يكن أبدا حزباً إيديولوجيا، بكل كان شبكة مصالح تشبه المصنع، ترتدي خوذة صفراء حين تدخل إليه، وتخرج منه فتخلع القبعة، لتعود كما أنت-، علاقة الجماعة المحظورة كما كانت تسمى أنذاك، كان تمر خلال شد وجذب، ولكن شعرة معاوية وجدت دائماً، فقد استغلوا بعض المساحة من الحرية التي أضافها مبارك مقارنة بعصر السادات، فقاطعوا انتخابات برلمان 1984 ، لأنها اقتصرت على الأحزاب دون المستقلين، واستخدموا القضاء للطعن في الانتخابات مما دعا مبارك لتعديل قانون الانتخابات في 1986 وحل البرلمان.

ما أردته من خلال هذا المقال تفسير أسباب نجاح الأخوان في الفوز بأغلبية البرلمان المصري، وهذا يعود بالطبع، لأسباب على رأسها، أن مصر وطوال حكم العسكر عامة ومبارك خصوصا، تركت مساحة للاخوان كما لم تترك لغيرهم، فكانوا يعملون كل ما يفعله الحزب عدا بطاقة العضو، كذلك الفقر هو عامل مهم لفوز الأخوان، وذلك لعراقتهم في العمل الخيري، الذي يكون أحيانا رشىء انتخابيه، وهذا يتضح من الأحياء التي خسر فيها الأخوان في القاهرة، وهي المعادي ومصر الجديدة ، وكذلك التي لم يستطيعوا حسمها من أول جولة، وسيخوضون الإعاده وهي مدينة نصر والمهندسين، إذا فقط الأحياء الأعلى اقتصاديا لم تختار الأخوان.

من أسباب فوز الأخوان أيضا، أنهم كانوا ضلعا مهما في المعارضة طول الوقت، والمعارضة في عالمنا العربي تعطي بريقاً، لا سيما وأنت تطلق عبارات رنانة، مثل الاعتراض على قانون الطوارئ، الانسحاب من بعض الانتخابات، ومهاجمة الفساد، ومما يعطي المعارض الشعبية، أنه ينتقد ويقول ما يتمنى الناس قوله، وليس في مكان محاسبه لأنه ليس مسئولا.

كل العوامل السابقة، وتجارب الأخوان السابقة في اكتساح نقابة المهندسين والمحامين في 1992، وتجارب انتخابيه أخرى على مستوى البرلمان أو المحليات، جعلت لحزب الحرية والعدالة من الخبرة في الانتخابات، ما يأهلها للتخطيط بالفوز بأعلى نسبه، وقد كان، مع ملاحظة أن هذا الفوز كان في بعض منه بنفس طرق الحزب الوطني المنحل.

قبل وخلال وبعد الانتخابات مجلس الشعب المصري، هناك العديد من المخاوف من فوز الاسلاميين عامة والاخوان وقبلهم السلفيين بالتحديد، هذا الخوف لدى الأقباط والليبراليين من التحول لدولة دينية، لا دولة مدنية، له ما يبرره، لما هو واضح من برامج هذا التيار، وللميكافيلية المعروفة من الأخوان.

وسواء كنا نخشى فوز الأخوان، أو نخشى بقاء العسكر، فيجب أن لا نبالغ في ذلك، لأن الأخوان حين يكونوا في الحكم، فستسقط الأقنعة ، وسيكون هناك أداء سياسي يقيم فيه أداء الحزب سياسيا، إن أحسنوا سيعاد انتخابهم، وإن أساءوا فلن يعيد الشعب انتخابهم، وستذهب هالة القداسة التي عليهم، التي تشبه مع الفارق حزب الله في لبنان، قبل أن يخوض تجربة الحكم، فالمعارض يطلب تحسين الخدمات، لكن عندما يصبح وزيرا يحاسب على مستوى الخدمات في وزارته.

وباعتقادي أنه سيكون بداية سقوط الأخوان، لأن الشعب اختار الديمقراطية، وبالتالي فاحتكار السلطة لن يتسنى لأحد، كذلك البقاء فوق الدستور لن يتسنى لأحد بمن فيهم العسكر، ولنا في تركيا خير مثال، لأن الدستور استمر في التطور حتى جعل الجميع تحت الدستور.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *