مر ما يقارب الشهرعلى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي، وقد رفض حزب نترات الأمونيوم أي تحقيق دولي، والاعتماد على تحقيق محلي، وقد نتج عن التحقيق استقالة القاضي، وعلى الأرجح رفضه مسرحية من شاكلة مسرحية أبوعدس في حادثة اغتيال رفيق الحريري.
وبالإتيان على الحريري الذي تقبل حكم المحكمة الدولية في قضية والده، التي كان حكمها أوهن من المتوقع بعد عقد ونصف من تأسيسها، إلا أنها أعلنت متهماً وحيداً تابعاً لحزب الله، وهي الجماعة التي لا يتحرك أفرادها فرادى، ولا يعملون إلا بضوء أخضر من المرشد الأعلى في طهران.
الحريري علق بأن حزب الله سيسلم سليم عياش عاجلا أو آجلا، وهذا من حسن الظن غير المتوقع سياسياً، فحزب الله لا يسلم عناصره الذين يتورطون في إطلاق نار على عناصر من أمل، حتى يسلم من اغتال الرئيس رفيق الحريري.
من جانب آخر، طالب سعد الحريري باستبعاد اسمه من القائمة المرشحة لرئاسة الوزراء، وهو ما يعني بالدرجة الأولى إدراكاً لحجم غياب الواقعية التي يعيشها جبران باسيل، الذي يطمح بالعودة للخارجية، ومنح ملف الكهرباء للتيار الوطني الحر مجدداً، ربما حتى يضمن الظلام الدامس للبنان.
تبدو استقالة حسان دياب هي الأثر الوحيد لانفجار المرفأ، حيث سلم مجلس النواب من السقوط بطلب من الرئيس الفرنسي ماكرون بالتريث، وهو ما منع نواب الاشتراكي والقوات والمستقبل من الاستقالة، وهو ما كان يعني سقوط ميثاقية الحكومة، مع غياب جل التمثيل السني والدرزي.
مع وصول نسبة من يقعون تحت خط الفقر في لبنان إلى 55%، وزيادة من يعانون الفقر المدقع إلى 28%، لا يبدو أن حزب الله وبشكل أكثر فجاجة التيار الوطني الحر ينظر إلى وضع لبنان أبعد من ملف مرتبط بنتائج الانتخابات الأمريكية، وبالتالي التسويات الإقليمية المتوقعة.
يعود ماكرون إلى لبنان وهو لا يملك تسويق نواف سلام كرئيس وزراء للبنان، وهو الشخص الذي يعتقد جزء كبير من ثوار 17 تشرين (أكتوبر)، أنه الأنسب كشخصية مستقلة، يمكنها تشكيل حكومة اختصاصيين محايدة، تتمكن من القيام بانتخابات بلدية مبكرة ومعالجة ملفات ملحة وعلى رأسها ملف الطاقة.
كم هو لافت تصريح الدبلوماسي العريق وزير خارجية فرنسا «جان إف لودريان»، عن خطورة غياب لبنان، يعتقد الفرنسيون أن لبنان قد يزول، ولكن هل هذا يتم عبر طرف آخر غير حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر، ومن خلفه أو ربما أمامه إيران.
الرئيس ماكرون الذي جاهد كي تبقى أمريكا ضمن الاتفاق النووي، ثم سعى للتوسط للقاء بين روحاني وترمب على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، يأتي للبنان مجددا ويستهل لقاءاته بالفنانة الكبيرة فيروز، وربما هي فرصة خاصة وهو يزور لبنان بعد عاشوراء، ليدرك كيف تحول لبنان من فيروز إلى عيد النيروز.
انشغال الرئيس الفرنسي بلبنان وهو أمر يشكر عليه، يذكرنا بالوضع الداخلي الفرنسي من الستر الصفراء، واعتبار باريس مدينة موبوءة من قبل بلجيكا ومنع السفر إليها، بقول للشاعر اللبناني جبران خليل جبران: «إن أعظم أخطائنا هو انشغالنا بأخطاء الآخرين».. ولكننا في عصر لبنان جبران باسيل وليس لبنان جبران خليل جبران.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2039200
الاثنين 31 أغسطس 2020
اترك تعليقاً