قبل عامين وتحديداً في الثامن من مايو 2018 عند الثانية ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، أعلن الرئيس دونالد ترمب انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (Jcpoa )، والتي تسمى بالاتفاق النووي بين إيران والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا.

وكانت الدول الأوروبية الثلاث بريطانيا وفرنسا وألمانيا أصدرت آنذاك بياناً مشتركاً، تنتقد فيه انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، مؤكدة أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يؤيد الاتفاق النووي ما زال «إطاراً قانونياً دولياً ملزماً لحل النزاع».

واليوم يكفي لقياس مدى التغير في المزاج الأوروبي حول أنشطة إيران، تصنيف ألمانيا لحزب الله كحركة إرهابية، ومداهمة بعض المقار التابعة له في ألمانيا، بعد أن كانت ألمانيا هي الوسيط بين حزب الله وإسرائيل في تبادل الأسرى 2006، ثم بين حماس وإسرائيل بعد ذلك بعامين.

ألمانيا كانت آخر الدول التي يتوقع أن تتخذ مواقف مشددة تجاه إيران، وذراعها الأهم حزب الله، لكن ما قامت به إيران من أعمال إرهابية ضد منشآت وناقلات نفط خلال العامين الماضيين، بالإضافة للمعلومات التي وصلت عن عمليات يخطط لها عناصر حزب الله في ألمانيا، أدت إلى أن يشكل ضغطاً سياسياً باتجاه هذا القرار.

بريطانيا أيضاً والتي كثيراً ما كانت تخلق خطاً فاصلاً بين الذراع السياسي والعسكري للمنظمات، قامت بتصنيف الذراع السياسي للحزب كتنظيم إرهابي، وكتبت حينها متسائلاً «هل لحزب الله جناح سياسي؟»، وأشرت إلى المؤتمر الصحفي المشترك بين فريدريكا موغريني الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن المشترك في الاتحاد الأوروبي، وجبران باسيل، حيث علقت على قرار بريطانيا بأنه هو قرار وطني وسيادي لدولة لاتزال عضواً في الاتحاد الأوروبي، غير أنه يظل قراراً بريطانياً داخلياً لا يؤثر على موقف باقي أوروبا المعروف والذي يبقى دون تغيير، والمتمثل في إدراج الجناح العسكري، وليس الجناح السياسي لحزب الله، ضمن لائحة الإرهاب.

وفرنسا تعد أبرز الأوروبيين الذين يقدمون مواقف أضعف تجاه حزب الله وإيران، ليس جهلاً بأدوارهما الإرهابية، ولكنها المقاربة الفرنسية في الإبقاء على جزء من النفوذ التاريخي الفرنسي في لبنان، والذي يتطلب تجنب المواجهة مع أي طرف، خاصة إذا كان الطرف الذي يجثو على صدر بيروت بسلاحه وميليشياته.

اليوم عنوان المعركة الأمريكية الإيرانية، هو تمديد قرار حظر بيع الأسلحة لإيران بموجب القرار 2231، والذي كان سيرفع في أكتوبر القادم، واشنطن التي خرجت من الاتفاق وبالتالي من القرار ما زالت تستطيع أن تصوت لتمديد الحظر، وإيران التي لا تزال منضوية ضمن الاتفاق، رغم إخلالها بالتزماتها في نسب التخصيب وكميات الماء الثقيل المطلوبة للوصول إلى سلاح نووي، إلا أن خروجها من الاتفاق له تبعات أسوأ.

فخروج إيران من الاتفاق النووي أي إلغاء القرار 2231، يعني العودة المباشرة لسبعة قرارات للأمم المتحدة بشكل مباشر، هذه القرارات بالنتيجة تحول العقوبات الأمريكية إلى عقوبات أممية، وهو ما لا تحتمله إيران بعد كل ما أصابها من الضغوطات الأمريكية خلال العامين الماضيين.

وربما هذا ما يفسر تغريدة خامنئي التي ذكر فيها أنه «يعتقد أن الإمام حسن المجتبى هو أشجع شخص في تاريخ الإسلام. حيث استعد للتضحية بنفسه وباسمه بين أصحابه والمقربين منه، في سبيل المصلحة الحقيقية، فخضع للصلح».. والصلح بالفارسية هو اجتراع السم مجدداً.

صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2023543
الاثنين 11 مايو 2020


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *