في مرة هي الأولى منذ قيام إسقاط الشاه، وبالتحديد في عام 1962، كان آخر قرض دعم أخذته إيران من صندوق النقد الدولي، طلبت بحسب محافظ البنك المركزي الإيراني، عبدالناصر همتي، في حسابه على «انستغرام»، أنه بعث برسالة إلى مديرة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا، يوضح لها أن بلاده ترغب في الاستفادة من تمويلات «النقد الدولي»، المقدمة للبلدان المتضررة من «كورونا».

القرض المطلوب بقيمة خمسة مليارات دولار، مستغلا تصريح مديرة الصندوق بأنها ستقدم قروضا للدول المتضررة جراء كورونا، وطلب القرض بهذا المبلغ، بعد الاتفاق مع موسكو على قرض بنفس المبلغ قبل أشهر عند إعلان ميزانية العام، مؤشر واضح على نجاح سياسة الضغوط القصوى التي تنفذها الإدارة الأمريكية.

ولكن من الحماقة الاعتقاد بفرصة الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، دون مباركة أمريكية، وبالتالي جميع أبواب القلعة تؤدي لنفس الغرفة، فماذا ستقدم من قرابين للبيت الأبيض، خاصة أن لها تاريخا من التنازلات تحت الضغط، بشكل يتناقض مع كل الشعارات الرنانة.

عامر الفاخوري هو أحد ضباط جيش أُنطوان لحد الذي كان حتى عام 2000 يحتل الشريط الجنوبي من لبنان بحماية إسرائيلية. كان الفاخوري مسؤولا عن التعذيب في سجن الخيّام، اعتقلته السلطات اللبنانية العام الماضي حين دخل بيروت بجواز أمريكي، وقبل أيام تبخر فاخوري بطائرة أمريكية مغادرا لبنان، وهذا تنازل إيراني قدمه حزب الله.

وقبل ساعات أعلن الجهاز القضائي الإيراني، تسليم مارشال إلى السفارة الفرنسية في طهران قبل إكمال محكوميته، وذلك على خلفية تعاون السلطات الفرنسية مع طهران في ملف المهندس الإيراني جلال روح الله نجاد، والذي اعتقلته السلطات الفرنسية قبل عام بطلب من الإدارة الأمريكية.

مايكل وايت، وهو عسكري أميركي سابق، أوقف في 2018 داخل إيران، وتم إطلاق سراحه أيضا هذا الشهر ليعود لأمريكا، وحملة الضغط أدت أيضا لتنازلات إيرانية قبل انتشار الكورونا، حيث شهد ديسمبر الماضي، صفقة تبادل بإطلاق سراح الإيراني مسعود سليماني، والأمريكي شوي وانغ.

إنها لمفارقة كيف روجت إيران لنظرية قيام أمريكا بتطوير فايروس كورونا (كوفيد 19)، من أجل مهاجمة الشعب الصيني والإيراني، وكيف تتوسط بعدة دول للطلب من واشنطن برفع العقوبات عنها، وحاولت عبر مختلف مؤسسات المجتمع المدني الأمريكية والتي لها نفوذ فيها توجيه ضغط على الرئيس لرفع العقوبات.

وحتى الرئيس الإيراني وجه رسالة للشعب الأمريكي، يقول فيها «إن الإدراة الأمريكية غير قابلة للتخلي عن سياسة الضغوط القصوى»، لكن الفقرة الأكثر سخرية في خطاب روحاني هي «الإدارة الأمريكية تناصر الفايروس عبر مواصلة العقوبات».

وكأن إيران في الخطاب المتناقض بين اتهام أمريكا وطلب رضاها تذكرنا ببيت أبي الطيب المتنبي:

يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي

فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ

الأكيد أن النظام الإيراني يتنازل تحت الضغط، لكنه لا يتغير، وبالتالي يجب أن تكون أي مساعدات تقدم لإيران، طبية وليست مادية، لكي تصل إلى الشعب الإيراني، وليس لجيوب وصواريخ الحرس الثوري.

صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2016316
الاثنين 23 مارس 2020


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *