نعيش في المملكة العربية السعودية بدين واحد ومذهب واحد في الأغلب الأعم -ولله الحمد-، عدا مناطق في نجران والشرقية يقطنها أشقائنا الشيعة، وهذه النشأة الأحادية تُلغي لدينا التفكير في الاختلافات الدينية والمذهبية، ويفقدنا معرفة الإجابات للأسئلة التي تأتينا أحيانا حين احتكاكنا بالغرب، فنقع في خجل وحرج كبيرين.

ودافعي لكتابة هذا الموضوع، واجهته ويواجهه أغلب إن لم يكن كل المبتعثين من أبناء الوطن وعامة العرب في المهجر، وما قد يحصل نتاج الاحتكاك المهني الحاصل للبعض ممن يعملون في بيئات عمل مختلطة، مع أن الغربيين عادة يتحرجون في بلداننا من مناقشة القضايا الدينية، على غير الحال حين نكون في بلادهم.

كما أن كم المعلومات المغلوطة وأولويات المعلومات المستقاة من الإعلام لدى الأوروبيين وسكان الأمريكتين غريب، فتخيلوا أن زميل لي قبل سنوات من المكسيك كان يعتقد أن عاصمة السعودية هي دبي !! ، ولكن كان يعرف أنه يحق للرجل أن يتزوج بأربع وأن المرأة لا تقود السيارة وأننا لا نأكل الخنزير.
إذا الرصيد المعرفي بٌني لديهم من الإعلام، وبالطبع لا يوجد إعلام حيادي بالمطلق، وقد يكون أغلب الإعلام له أجندته مثلاً -إذا جارينا نظرية المؤامرة-، ولكن كل ذلك لا يعنيني، الفتاه أو الشاب الذاهبين للدراسة أو خلافه هم الأقدر على إيصال الرسالة الصحيحة.

لو إطلعنا إلى مخرجات حوار الأديان الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين، لأدركنا أهميه أن يُدرس في مواد الوطنية، وأن يكون ضمن ما يُقدم للمبتعث قبل سفره، لا سيما أن دوافع من يناقشون المبتعثون ليست واحده، ولا يجب التعاطي معهم بنفس المنطلق.

حسب خبرتي المحدوده، فمن يسألك ويناقشك في قضايا دينيه واجتماعيه، مع العديد من الخلط الموجود بين المحرم والعيب، هو في العاده ثلاث أصناف، القسم الأول هو من يريد تشكيكك في دينك، ومحاجتك بأن في دينك ما هو ضد السعادة، أو مناقشه النموذج الغربي إذا راق لك وتبيان عدد من المحرمات فيه حسب دينك،وهنا نعود لنفس النقطة لا مجتمعنا مثالي ولا مجتمعهم، وهذا النوع أسهلهم لأنه عدو والعدو يسهل تجنبه، وأعتقد أن هذا الصنف هو أقل صنف، لاسيما وأن الخوض في الموضوع الديني يأتي عادة بعد تكون شئ من الصداقة.

الصنف الثاني صنف عادة ما كون معلوماته المحدودة من الإعلام الموجه، هذا الإعلام كان منطلقه تعريفنا عن طريق الاختلافات، فعلى سبيل المثال يبدأ بتعريفنا من خلال الخمر والخنزير، ليوصل رسالة مفادها “ليسوا مثلنا” لا يطعمون طعامنا ولا يشربون شرابنا، “لا يسمحون للمرأه بالقياده”، لا يعطون حقوق للمرأه مثل مجتمعاتنا.

الإعلام الذي يتناول الأخبار السيئة أو المسيئة فقط، فمثلاً خلال تواجدي العام الماضي بألمانيا رصدت 6 صحف محليه بل إن إحداها محليه لمدينه سكانها حوالي أربعمائة ألف نسمه، جميعها ذكرت موضوع الكاشيرات، وكان الخبر بصيغه: ” السعودية الدولة التي تحظر قيادة المرأه تمنع النساء من العمل كاشيرات مع أنهن يشحذن في الإشارات”.

ويجب عندها أن نكون صريحين صادقين مع أنفسنا والغير، لا نبرر فقط، نوضح أن لدينا مشاكل أو أخطاء، ومن أجمل الحجج الاستدلال أيضاً بما لدى الغير من مشاكل أيضا، فأزمتنا أصلا في هذا النقاش جاءت من الخطاب الديني في بلادنا الذي أقنعنا بالخصوصية، وبأننا المواطنون الكاملون أبناء الوطن الكامل، فسقطنا في أول مواجهه تظهر لنا بعض عيوبنا، أو أننا لسنا بالضرورة الأفضل، وبالتالي لا يوجد كامل إلا وجهه سبحانه.

الصنف الثالث يعرف عن السعوديه أو الخليج بمقدار ما تعرف جدتي عن طبيعة المناخ في زحل، هذا الصنف يعتقد أننا نعيش في خيام، ولدينا آلاف الجواري، وبجوارنا آبار النفط، وأحيانا نقضي نزهه بالجمل من الرياض إلى الأهرامات، أو نتجه من برج العرب في دبي بقارب إلى أغادير للجلوس في خيمة مغربيه، تصحيح الرؤيه لدى هذا الفريق وهو الأهم والأعم تكون في الأساس عملا مؤسساتياً، وإن كان للأفراد دور ممكن فيه.

يجب أن نُظهر روائع ثقافتنا أخلاقنا الطيبة وكرمنا، مميزات مجتمعنا من التواصل الاجتماعي، تقديسنا للوالدين، لا بد أن نتذكر دائما أننا ثقافة لها ميزاتها وعيوبها، ولنا موروثنا المشرف، بيننا وبين كل ثقافة اختلافات قليله وجوامع عده، لأن ما يجمع البشر هو الإنسانية، لابد أن نوضح ما هو من الإسلام وما هو من العادات، لأننا مسئولون عن الدفاع عن ديننا ثم أوطاننا.

ختاما، فقد رأيت المبتعثين صنفان، الصنف الأعم من يتجنب هكذا مناقشات غالباً، خشية ضعف الحجه، وقسم يستميت للتبرير وشرح أسباب “ما يرأه الغرب عيوباً، وأرى -والرأى يحتمل الصواب والخطأ-، أننا يجب أن نكون فخورين بما نحن، فخورين بإسلامنا فخورين بوطننا، صريحين في حبنا لترابه، نذكر دائما أننا بتعامل وتصرف قد نمثل أفضل دعايه لأوطاننا، لا نخجل إذا ما كنا نرى خطأ في مجتمعنا، ولا يُخجلنا أن يكون لدينا ما نراه صحيحاً ويرونه خاطئا.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *