تشرفت بحضور حفل تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لحجر الأساس للمرحلة الثانية من مدينة وعد الشمال بطريف، وعلى أنغام «الدحة» كانت موسيقى الحفل الذي شهد أفكاراً إبداعية، من ضمنها قراءة القرآن في بداية الحفل من فوق أعلى جبال طريف.
وكانت جميلة فكرة أن يضع خادم الحرمين الشريفين، وطفل وطفلة أيديهم على لوح إلكتروني، إعلاناً عن تدشين المرحلة الثانية من المشاريع التي من المتوقع أن تكون قيمة استثماراتها حوالى 30 مليار ریال، بعد أن كلفت المرحلة الأولى 55 مليار ریال.
وعد الشمال قصة بدأت في العام 2012 بقرار من الملك عبدالله رحمه الله، وبدأ العمل فيه بعدها بعامين، وتم تصدير أول شحنة من الأسمدة الفوسفاتية عبر ميناء رأس الخير في العام الماضي، وتستهدف المملكة أن تصبح ثاني أكبر منتج للأسمدة الفوسفاتية في العالم، وقد حبا الله المملكة بخيرات منها الفوسفات بنسبة تقارب 7% من المخزون العالمي.
هذا المشروع شهد تحديات كبيرة، فموقعه لم يكن مشجعاً للمستثمرين، خاصة أنه بعيد عن الموانئ البحرية، مما يمثل تحدياً في التصدير، ولكن المملكة بسواعد أبنائها خاضت هذا التحدى، وما كان وعداً نراه حقيقة موجودة اليوم، تستهدف المملكة من خلاله إسهاماً في الناتج المحلي بما يقارب 15 مليار ریال سنوياً.
ويسعدني كثيراً حين أرى التوزيع الجغرافي للتنمية بين مختلف مدن المملكة، خاصة المشاريع التي تقام خارج المدن الرئيسية، لإدراكي أن
انتشار التنمية في مناطق واسعة هو علامة الاقتصاديات الرائدة في العالم، كاقتصاد الولايات المتحدة وألمانيا.
واللافت في مشاريع وعد الشمال التكامل بين جهات عدة في العمل، وأعجبني حديث أحد المهندسين العاملين في المشروع، حين قال نحن هنا نخلع قبعة «أرامكو» أو قبعة «مدن»، لنرتدي جميعاً قبعة «وعد الشمال»، هذه الروح الحرفية العالية، وهذا الشباب المبدع هو في الواقع ثروة البلد الحقيقية.
وبالإضافة لشركتي أرامكو ومدن، تشاركت في مشروع وعد الشمال جهات عدة منها وزارات الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، والنقل، والبيئة
والمياه والزراعة، و«صندوق الاستثمارات العامة»، و«الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية» (مدن)، و«الهيئة العامة للموانئ»، و«المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني»، و«الشركة السعودية للخطوط الحديدية» (سار)، و«هيئة المساحة الجيولوجية السعودية».
روح التكامل بين القطاعات، هي وعد آخر على مستقبل واعد بالإنجازات، التي تنفذ باحترافية وبكفاءة إنفاقية، خاصة ونحن نشهد أحد أهم برامج التكامل الذي دشنه سمو ولي العهد خلال مؤتمر مبادرة الاستثمار، وهو برنامج الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، والذي يمثل البرنامج الأول في المملكة والذي يجمع بين قطاعات الصناعة، التعدين، الطاقة والخدمات اللوجستية.
وإذا نظرنا للصورة الأكبر، فهذا الإنجاز المتحقق في وعد الشمال، يذكرنا بالإنجاز الكبير الذي مثلته الجبيل وينبع، ويبشرنا أيضا بصورة المملكة
قبل حتى أن نصل إلى 2030، حيث ستنتهي مشاريع عدة في مراحلها الأولى خلال السنوات الثلاث القادمة.
وعد الشمال كان وعداً وتحدياً، ومثالاً على قدرات الشباب السعودي وطموحه، وكما كانت الدحة رقصة تمارس قبل الحروب قديماً، لإثارة الحماسة بين المقاتلين، سمعنا الدحة في طريف، والمملكة تخوض تحدي تنفيذ الرؤية بكل إصرار، دون أن تثنيها المعارك الجانبية.
26 نوفمبر 2018
اترك تعليقاً