عاد الأمير بدر بن عبدالمحسن للجنادرية هذا العام وللمرة الخامسة، ليعود لمهرجان التراث والثقافة الذي ربطته به أوبريتات خالدة، فقد بدأت علاقة البدر مع الجنادرية منذ ثلاثة عقود، حين كتب كلمات أغنية «الله البادي» ضمن أوبريت وقفة حق.
هذا العام يأتي أوبريت الجنادرية مختلفا على مستوى المضمون والتنفيذ والعنوان اللافت، إذ يتناول الأوبريت هذا العام عمق الدولة السعودية في مراحلها الثلاث، والممتدة لما يقارب ثلاثة قرون، وكفاحها ضد المحتل الأجنبي، والجهد الكبير الذي قام به حكامها لإرساء العدل وتوحيد هذه الجغرافيا المتفرقة، والمتناحرة في أحيان عدة.
أول وحدة بين هذه الجغرافيا بما تحمله من صعوبات، وبما يمثله الحرمان الشريفان من مطمع لعدة قوى استعمارية، وبما تمثله الشواطئ الممتدة من هدف حينها لعدة مستعمرين على رأسهم بريطانيا، لكن ترسخت هذه الدولة وكان لحكمة الملك عبدالعزيز أن جعلها بلدا مستقرا ووطن البدو الرّحل من خلال الهجر، واحترم جميع قادة الدول الكبرى، حتى أصبحت السعودية أمرا واقعا يتعامل معه الجميع.
في تنفيذ الأوبريت هذا العام كان لافتا استخدام عدة تقنيات، ربما كان اللافت للنظر فيها استخدام تقنية الهيلوغرام، لتجسيد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، اللحظة التي أدمعت عين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، في لحظة إنسانية اشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت الصفحات الأولى في الصحف.
المشاهد الدرامية كانت إضافة مميزة لأوبريت هذا العام إضافة للوحات الغنائية، فقد كانت لوحة الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، ثاني حكام الدولة السعودية الأولى، جامعة لعدة صفات لهذا الإمام، رغم قصر مدتها الزمنية.
فالإمام عبدالعزيز هو رجل سياسة وقائد عسكري، إضافة لكونه إماما وخطيبا وعالم دين، وقد عرف عنه الزهد، وقد أبرز ذلك الأوبريت، عبر الرواية التي تذكر أنه أتي له بأموال الزكاة والغنائم، وكان مبلغا ضخما في ذلك الوقت، فضرب عليها بسيفه وقال «اللهم سلطني عليها ولا تسلطها علي».
من الدولة السعودية الثانية كان اختيار شخصية الإمام تركي بن عبدالله موفقا، فهو القائد الشجاع الذي قتل الغزاة الأتراك أبناءه وأخوته في نهاية الدولة السعودية الأولى، بل وقاموا بتدمير الدرعية، ليعود ويدخل الرياض ويؤسس الدولة السعودية الثانية.
القصيدة الشهيرة التي كتبها الإمام تركي بن عبدالله بعنوان «طار الكرى عن موق عيني»، كانت حاضرة في الأوبريت، بجوار قصائد الأمير بدر بن عبدالمحسن، لتجعل أوبريت هذا العام مميزا جدا على مستوى الأغاني، والتي ربطت الماضي بالحاضر.
ولمن طالع كتيب الجنادرية المرفق في الأوبريت، كان هناك التقاطة ذكية من مؤسسة بدر بن عبدالمحسن، التي قدمت المعالجة الدرامية للعمل، حين ذكرت بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان هو الإمام السادس عشر للدولة السعودية.
قراءة التاريخ مهمة هذة الأيام تحديدا، لأنها تساهم في ارتباطنا بهذا الوطن العظيم، وتجعلنا ندرك أكثر الأطماع الإقليمية، والغضب من استقرار وقوة هذا الوطن، الذي حفظه الله بحفظه.
أوبريت «أئمة وملوك» عمل وطني مميز، يشكر عليه جميع القائمين على العمل، وعلى رأسهم الأمير بدر بن عبدالمحسن، ونتمنى أن نرى مزيدا من الأعمال الدرامية الوطنية، لنجعل أبناءنا يتسلحون بفهم التاريخ لإدراك الحاضر.
صحيفة عكاظ
http://www.okaz.com.sa/article/1614225/
الاثنين 12 فبراير 2018
اترك تعليقاً