وزير الخدمة المدنية خالد العرج، حين قال إن إنتاجية الموظف السعودي لا تزيد على الساعة، لم يكن هذا أمرا محزنا في حد ذاته، فالأمر خاضع للدراسات ويختلف من منشأة وأخرى، سواء كانت مؤسسة حكومية أو مؤسسة قطاع خاص، بل إن المواطنين أنفسهم يشتكون من ضعف الإنتاجية في عدة قطاعات، حين يختفي الموظفون مع أذان الظهر، كما يختفي السكر في الشاي.
لكن المحزن حقا أن ما طرحه وزير الخدمة المدنية عن ضعف إنتاجية الموظف السعودي، بدا لو أنه يقول للشعب لا تغضب من البدلات التي تبخرت من حسابك، فالتفسير الفذ لذلك أننا قررنا أن ندفع لك «على قد شغلك»، وإذا كان من عمل الوزير أن شرح القرارات للمتضررين، وبعد كل هذا التأخر في الشرح للناس، فإن الإنتاجية في هذه الحالة أصبحت أسوأ من السكوت.
الإنتاجية لم تكن يوما ذنب الموظف وحده، فالإنتاجية مرتبطة بعدة عوامل أقلها الموظف نفسه، فالإنتاجية تبدأ من اختيار الشخص المناسب للمهمة، ثم توفير البيئة المناسبة بما يشمل العدالة في الثواب والعقاب، والجزء الأكبر المسؤول عن رفع الإنتاجية، هو الوزير نفسه الذي يختار الصف الثاني وربما الثالث، ولكن الوزير لم يخبرنا عن سبب خصم 20% من رواتب الوزراء، وهل هو بسبب الإنتاجية أيضا !
نائب وزير التخطيط والاقتصاد يقول إن 90% من الميزانية تذهب للرواتب، وكأن المواطن السعودي لم يقرأ يوما الميزانية ولم يفهمها، المواطن السعودي أكثر وعيا من الخطاب الذي يوجه له، أكثر وعيا لأن الاستثمار في الجامعات ليس ترفا كما يرى نائب الوزير، المواطن السعودي أكثر وعيا لأن مشروع الابتعاث الذي بدأه المغفور له الملك عبدالله وما زال الملك سلمان إلى يومنا الحاضر داعما له، هو استثمار حقيقي في الوعي.
وعلى طريقة جرس المدرسة يخرج التصريح الآخر، لو لم نقم بهذه الخطوة التقشفية لفلسنا خلال ثلاث سنوات!، وكأننا لا ننظر حولنا لدول أضعف منا مرات ومرات اقتصاديا، لكنها لم تتحدث أبدا عن الإفلاس، تقترض حينا وترفع الدعم حينا لكنها تعبر من أنفاق عدة، حتى لو كانت ميزانيتها لا تتجاوز ميزانية إحدى وزاراتنا.
علينا بناء على ذلك أن نعود لقمة العشرين، لنخبرهم أنا لسنا من أكبر عشرين اقتصادا في العالم، نعود لدول أوبك وللسوق النفطي، لنقنعهم أن أكبر مخزون نفطي ليس في المملكة العربية السعودية، نوضح لهم أن السعودية ليس لها أثر كبير في استقرار سوق النفط، وكل تغير في سعر النفط أو انخفاضه لا يجب لوم السعودية عليه، كما يحصل دوما من أغلب المنتجين والمستوردين على حد سواء.
لماذا سيأتي مستثمرون ليشتروا في سندات دولة يرى نائب وزير اقتصادها أنها ستفلس بعد ثلاث سنوات، لماذا سيأتي المستثمرون بشكل مباشر حسب الاتفاقيات التي وقعها الأمير محمد بن سلمان، مع شركات في الصين وفي أمريكا خلال زياراته الأخيرة.
في انتظار الأثر الحقيقي على المواطنين هذا الأسبوع، عبر رسالة الجوال التي ستأتيهم بنزول راتب أقل من ذي قبل، كان أسوأ ما ينتظره الناس ما سمعوه من حديث لا يحترم وعيهم ولا يحترم ألم الضرر على قوتهم وقوت أبنائهم.
صحيفة عكاظ
http://www.okaz.com.sa/article/1504083/
الاثنين 24 أكتوبر 2016
اترك تعليقاً