إنه لأسبوع مزدحم جداً لكاتب أسبوعي، الأحداث تتزاحم فيه وكل حدث فيها يحتاج إلى مقال بمفرده، وتزاحمت في ذهني الأولويات ولم أعرف عن أي القصص أكتب، هل أكتب عن البحرين، والتي قررت سحب جنسية عيسى أحمد قاسم بعد أقل من أسبوع من حكم محكمة بحرينية بتعليق أنشطة جمعية الوفاق الإسلامية المعارضة شكلا، المؤتمرة بإيران على مستوى التمويل والأجندة، كنسخ مكررة من حزب الله اللبناني.
وقد اتبعت ذلك المحكمة الكبرى في البحرين، بأحكام بحق أربعة وعشرين شخصاً من المنتسبين لتنظيم داعش، وشملت الأحكام إسقاط الجنسية عن 13 مدانا، وأحكام سجن تفاوتت بين المؤبد بحق أحد المدانين، وأحكام بالسجن لمدة 15 عاماً لباقي المدانين، فيما تمثيل رسالة واضحة ومتكررة من دول الخليج بأنها تتصدى للإرهاب بكل أشكاله، وأيا كان لون عمامته أو شكلها.
هل يمكن تغافل العمل العظيم سيلفي وعدم الكتابة عنه، العمل الذي أبدع هذا العام أيما إبداع، وخصوصا حلقته التي عنونها «سيلفي تحت الرماد» وكتبها «محمد الهمزاني»، تلك الحلقة التي أبرزت نقطة مهمة في إستراتيجية تجنيد داعش، والتي تختلف عن نموذج أفغانستان والذي كان يستقطب الشباب الملتزم والباحث عن الجهاد، بل إن الشاب الملتزم في الحلقة والذي قام بدوره الفنان المبدع طارق الحربي، كان صافي النية حريصا على أهله، ولم يأت الغدر منه بل من الابن الذي بدا بتفريطه بعيدا عن براثن داعش في نظر والديه، بل إن شك الوالد والخال بقي في دائرة الشاب الملتحي، مؤشرا على الرعب الموجود في نفوس الكثير من الآباء على مصائر أبنائهم من هذا الكابوس المرعب داعش، والذي يلج من ثقب الأبواب في غفلة.
وما كدنا نصبح اليوم التالي لحلقة سيلفي، إلا وقد فجعنا بحادثة تقشعر لها الأبدان، لمراهقين توأم دلهما الشيطان على قتل أمهما الستينية، وطعن والدهما وأخيهما بالسكاكين، فعن أي فتح بحثوا وأي دين نصروا؟ وأي جنة يطلبون بقتل والديهما؟، الجريمة بشعة وليست الأولى وعسى أن تكون الأخيرة، ولكنها تطرح عدة تساؤلات قد تسهم في احتواء هذه الكارثة و تجنب تكرارها مستقبلا، فالشابان تركا الدراسة منذ سنتين وهما بلا عمل منذ ذلك الحين، وعليه فيجب التفكير جدياً في دور الدولة والأسرة معا في هذه المرحلة من عمر الشباب، وحاجة الأجهزة الأمنية والإعلام لتوعية الأهل بمظاهر التطرف، وتسهيل طرق التبليغ عن أي تصرفات مشبوهة لما فيه خير الأسرة والمجتمع وحماية للأبناء من مصير زُين لهم وهو شر لهم.
يجب أن يكون هناك حوار مجتمعي حول قضايا مثل: التجنيد الإجباري، هل يجب ملاحظة من يترك الدراسه ومن يكون بلا عمل، وبالتالي يكون خارج دائرة الاحتكاك بالمجتمع، مما يسمح به بالتحول لقنبلة موقوتة دون أن يشعر المجتمع به، إلا بعد اشتعال الفتيل، الأكيد أن الإرهاب يتطور ويطور من سبل تجنيده، عبر ألعاب البلاي ستيشن وعبر الإنترنت والهواتف الذكية، وعلينا أن نسبق الإرهاب لا أن نتطور معه بنفس السرعه، واضعين في الأذهان ما للجماعات الإرهابية من صلات بأعداء الوطن، وقد قال اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية في أحد مؤتمراته أن جميع العمليات التي تقوم بها داعش في الداخل السعودي تدار من غرفة عمليات في سورية، فالإرهاب كحبوب المخدرات كلها تصدر لنا من سورية وعبر حزب الله بهدف تدمير شبابنا وثمنا لمواقف المملكة.
الحادثة الثالثة والكبيرة والتي فكرت في الكتابة عنها هي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وما لها من تداعيات اقتصادية وسياسية على بريطانيا وعلى الاتحاد، وما قد يمثل تأثير الدومينو domino Affect على تماسك الاتحاد الأوروبي.
لكن اللافت هو علاقة كل هذه الأحداث بالإرهاب، حيث نجح دعاة الانفصال البريطاني بإقناع المصوتين بذريعة التصدي للإرهاب، وإيقاف الحدود المفتوحة والتي تسمح بتدفق لاجئين قد يكون بينهم إرهابيون، كما وأن البحرين كدولة ذات سيادة تصدت بالقانون للإرهابيين من كلتا الطائفتين، وإن كان الإرهاب في الحقيقة عبارة عن دمى تنطق بالدين، ولكن تحركها وتستفيد منها أجندات سياسية.
وخلال الأسبوع الماضي سألني المذيع الحذق خالد مدخلي، في نشرة الرابعة من قناة العربية، حول مدى إسهام الاتفاقيات التي عقدها سمو ولي ولي العهد في الولايات المتحدة مع كبار صانعي الترفيه للاستثمار في المملكة في التصدي للإرهاب، وبالفعل فالترفيه ليس ترفا كما زرع في وجداننا، بل الترفيه الذي أسست له هيئة ضمن رؤية 2030 هو أمر ضروري ويسهم في التصدي للإرهاب، لأنه يروح عن النفس ويجعل من متعة الحياة قيمة تغلب على قيمة الموت.
مختلف اللقاءات التي تمت في الولايات المتحدة وكبار الشركات التقنية وعلى رأسها فيسبوك، وما بدأت تمثله الرؤية من واقع جدي يفهم الشباب، ويرفع ثقة مستثمرين مهمين في المملكة، وبالتالي يسهم في نقل المعرفة للمملكة وخلق وظائف وجعل من الحياة بحد ذاتها ممتعة، وهذه الروح هي الدرع الحقيقي ضد الإرهاب.
صحيفة عكاظ
http://okaz.co/bwKRzdIdd
الاثنين 27 يونيو 2016
اترك تعليقاً