الأستاذ عبدالرحمن الراشد افتتح حسابا رسميا له على شبكة التواصل تويتر في العام 2016، وهو ما عُد متأخرا جدا قياسا لتاريخ شبكة التواصل «تويتر» وتمددها في الشرق الأوسط والذي حصلت موجته الأولى مع الثورة الخضراء في إيران، والموجة الأكبر مع ثورات الربيع العربي في 2011.
وعند افتتاح الراشد حسابه لمزه رفيق الدرب الأستاذ عثمان العمير، بالقول بأن الراشد تخلى عن الحسابات الوهمية ليظهر بحسابه الشخصي، والواقع أن الأستاذ عبدالرحمن فصل دوما بين مهنيته ورأيه، وحاول دوما عدم تحميل المنشأة التي يعمل بها أي تبعات لرأيه، لكنه ظل حاضرا ومواكبا لتطورات التقنية.
بقي دوما العمود النحيل الحاذق على الصفحة اليسرى من صفحات الرأي في صحيفة الشرق الأوسط، هي المساحة التي يحتفظ بها لنفسه، والتي يعبر عبر زيارات أربع في الأسبوع، عن رأيه في الملفات السياسية في الشرق الأوسط، مع مقال بين الحين والآخر يعبر فيه عن رأيه حول بعض الملفات المحلية.
لعبدالرحمن الراشد تاريخ من الإنجاز يعرفه الكثيرون، سواء في مجلة المجلة أو في الشرق الأوسط، وصولا إلى شاشة العربية التي غيرت المشهد التلفزيوني في القنوات الإخبارية العربية، قدم صورة مختلفة متوازنة من الإعلام المنطقي لا الشعبوي، كان هم العربية كما يقول شعارها «أن تعرف أكثر»، فكانت المعرفة قرينة الترفيه على شاشة القناة التلفزيونية الأهم عربيا. كان تحدي العربية كبيرا خصوصا بعد الصدى الذي حققته قناة الجزيرة، وما كان يطرب له المشاهدون العرب من صراع للديكة على شاشة الجزيرة، حيث جذبت المشاهد العربي حين قدمت له صورة من الجرأة، بعد أن اعتاد على جمود القنوات الرسمية، وهذا ما جعل تحدي العربية أكبر وإنجاز الراشد وفريقه أهم، لأن استعادة العقل في الضوضاء أصعب منه في الهدوء.
خاض الراشد معارك عدة لم يخترها، لكن ما فعله هو الذي استدعى تلكم المعارك، وقد عرف ثمن ذلك وقبل به، وتطورت المعارك بتطور التقنية، فكانت تأتي للشركة السعودية للأبحاث والنشر رسائل نقد لما تقدمه الشرق الأوسط من مواد، وتطور المعارك لتستخدم الفاكس وصولا إلى فضاء تويتر، ومن قبله معارك المنتديات.
معركة العقل والمعرفة وقول الحقيقة ولو لم تكن شعبوية، كانت معركة لا تستحق بالنسبة لكثيرين ما جناه من سيل الاتهامات، ولهذا من يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر كما قال أبو قاسم الشابي، ولكن الراشد خاض معركة الوعي وكيف أن الجماهير قدست المقاومة، لنرى سقوط كذبهم من حزب الله للنظام السوري والقائمة تطول.
ورغم كل تلك المعارك لا يمكن أن تجد لفظا خارجا للراشد، في مقال أو في لقاء تلفزيوني مع أي خصم فكري، وقد كانت له بعض المشاركات التلفزيونية قبل التحاقه بالعربية، وتجربة لم تكتمل لتقديم برنامج تلفزيوني على شاشة المستقبل، ثم قام من باب المهنية بالفصل بين إدارة الشاشة وبين الظهور عليها، ولهذا لم يقدم برنامجا أو يظهر ضيفا منذ توليه إدارة العربية 2003، سوى إطلالته في رمضان الماضي عبر برنامج يا هلا رمضان كضيف سحور برفقة بتال القوس، وليته يتكرم علينا بالظهور ضيفا عبر نفس البرنامج لعل علي العلياني يُخرج من أستاذ الجيل ما يتوق زملاؤه وتلاميذه لسماعه. ليوم قدم الشيخ محمد بن راشد جائزة شخصية العام للأستاذ عبدالرحمن الراشد، ومقالا كتبه بعد حصوله على الجائزة، تظهر شخصية القائد والعارف بالعمل الإعلامي عبر قوله «يجب علي الاعتراف بأن الجائزة لا تخصني وحدي، لأن كل ما حققته كان عملا جماعيا»، هكذا كان الراشد دوما محفزا لزملائه متحيزا لمهنيته، يرمي الحجر في الماء ويترك للسمك السباحة حوله.

 

صحيفة عكاظ

http://okaz.co/bwKPMdGDE

الاثنين 16 مايو 2016


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *