العلاقات العربية الكردية كانت دوما مشوبة بالشكوك ولكنها لم تصل إلى العداء المباشر أبدا، أكراد العراق تحديداً كثيراً ما اعتبروا العرب السنة هم صدام، وصدام هو العرب السنة، وهو الذي ذاقوا على يديه أبشع أنواع الجرائم، وعلى رأسها قصف حلبجة بغاز السانيد،  مما أدى إلى مقتل أكثر من 5500 من الأكراد العراقيين من أهالي المدينة.

العرب من الجانب الآخر كأكثرية في المنطقة كان لديهم حذر في كثر من الأحيان من القوميات الأخرى، وتحديداً من توقها الدائم للإنفصال، خصوصاً في ذروة القومية العربية، بينما عرب الخليج كان لديهم تحفظ على السياسة الأمريكية في العراق 2003، ولاحقاً بالطريقة التي هُمش فيها المكون العربي السني، وسُلمت إدارة العراق لإيران .

الأكراد تمنوا أن يصبح حالهم أفضل بعد سقوط نظام البعث، مع إقرار قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت الصادر في 8 مارس 2004 ، ولكن الضمانات لحق الأكراد لم تكن كافيه، كما أن صدور هذا القانون تمت في ظل الوجود الأمريكي مما يضعف هذة الضمانات، وخلال فترتي المالكي زادت ضغوط الحكومة المركزية اقتصادياً على إقليم كردستان، في نزاع حول الحصص النفطية للإقليم، واستمر هذا النزاع دون حل حتى بعد رحيل المالكي.

رحيل المالكي الذي تم بعد تساقط المدن العراقية تباعاً في أيدي داعش، كأنه أراد أن يكون وبالاً على العراقيين حاضراً غائباً، داعش مثلت تحدي آخر للأكراد مع تقدم المقاتلين السريع نحو مناطقهم، والمفارقة أن التنظيم الإرهابي تمدد في المناطق السنية (عربية وكردية) فقط، الأكراد تصدوا لهجوم داعش واخرجوهم من مناطقهم بدعم غربي.

اليوم يعاني إقليم كردستان كثيراً والعراق بشكل عام، حيث يحتضن الإقليم حوالي المليوني مهاجر عراقي، إضطروا لترك مناطقهم هرباً من وحشية داعش، ومن بغداد التي رفضت إستقبالهم إلا بكفلاء، الوضع الإقتصادي يسوء في إقليم كردستان، بعد توقف المشاريع الإستثمارية والسياحية، بالإضافة إلى الإنخفاض في أسعار النفط، حيث يعاني حوالي 40% من شباب الإقليم من الفقر والبطالة.

وفي وسط هذة الأجواء المحتقنة التي تشهدها المنطقة، والتي تستهدف العرب خاصة والسنة عامة، سواء عبر الإرهاب أو عبر عودة الولايات المتحدة إلى المقعد الخلفي، وترك الساحة يتناهشها إيران وروسيا بذريعة داعش، تأتي زيارة مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق لأبوظبي ثم الرياض في غاية الأهمية، وإن كانت متأخرة جداً، ويبقى التأخر أهون من أن لا تأتي أبداً.

اللقاء مهم ولعله فاتحة عودة الخليج للقيام بدور مهم في العراق، فالغياب عن العراق منذ 2003 لم يكن خيراً للعراق ولا للخليج، المشتركات كثيرة بين الخليج وأكراد العراق، فالملفات الأمنية وعلى رأسها الإرهاب، والملف الإقتصادي خصوصاً ما يتعلق بالنفط هو هم مشترك، تطوير هذة العلاقات مهم للعمق العربي والإسلامي، وعودة العراق مهمة بشكل أكبر خصوصاً مع حالة التفتت التي تعيشها سوريا.

 

الموقع الشخصي

الاربعاء 2 ديسمبر 2015


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *