لا شك أن أزمة سقوط الطائرة الروسية مثلت حرجاً كبيراً للإدراة المصرية، فبعد أن بدأت معدلات السياحة في التحسن، وانتصفت مرحلة الإنتخابات البرلمانية، كأخر خطوة في خارطة طريق 30 يونيو، رغم الإقبال الضعيف والذي كان أقل من التوقعات، كما أن المؤتمر الإقتصادي وقناة السويس الجديدة بثت بعض الأكسجين في الرئه المصرية.

الأزمة أتت من أكثر من زاوية، أولها مكان الجريمة “شرم الشيخ” والأثر المتوقع أن يمتد على السياحة، ثانيها أن المستهدف طائرة للحليف الروسي وأن جميع من فيها قضوا، وآخرها سمعة مصر خارجياً وقدرتها على ضبط أمنها وحماية زوارها، ناهيك عن مدى نجاح خطط الحكومة المصرية في مكافحة الإرهاب في سيناء.

ومنذ أن وقعت الحادثة والإعلام المصري يتناول الموضوع بلغة الأبيض والأسود، حيث بدأ البعض يثني على إجراءات فرق البحث عن أجزاء الطائرة وصندوقها الأسود، ثم محاولة إنكار الشبهة الإرهابية عن الحادثة، ثم إعادة فيلم الستينات عن الإمبريالية والهجمة العالمية، ووقوف الرفاق في موسكو مع مصر، حتى أعلنت روسيا وقف رحلاتها.

ليست المشكلة فقط في التحليل قبل وجود المعلومة ، ولا في تحول الجميع إلى خبراء إستراتيجين فتلك من نفحات ثقافة تلفاز ما بعد يناير وموضة “التوك شو”، بل كانت المشكلة الرئيسية أن الماكينة الإعلامية ظلت تعبر عن خطاب موجه للإستعمال الداخلي فقط، وهو ما عبر عنه د.مأمون فندي عبر تغريدته على تويتر التي قال فيها :”كلما حدثت أزمة مع الخارج بذل المصريون طاقاتهم في الحديث مع بعضهم البعض وليس مع الجمهور المطلوب إقناعه. البطولة دائما محلية.”

والرسالة التي توجه للداخل لا تحتاج أن تُصبغ بنظرية المؤامرة وأجواء النكسة، فالإرهاب يحيط بالعالم العربي من كل مكان، المساجد تُفجر في السعودية والكويت ورجال الأمن يُستهدفون في مصر والبحرين، وسوريا والعراق يعثو بهما الإرهاب، والجارة ليبيا يجز فيها داعش رقاب ضحاياه على البحر، بل حتى تونس التي تغنى بها الغرب لم تسلم من متحف “باردو” إلى شواطئ ” سوسة”.

هذا التناول المحتقن والإتهامات التي ترمى جزافا على الغرب الآثم، لا تصل في حقيقة الأمر إلى الغرب، وإن وصلت فمصر لا تحتاج عداوة الغرب في مرحلة تعود فيها للوقوف على قدميها، وبالتأكيد ليست محتاجة لشعارات كشعارات إيران من شاكلة “الموت لأمريكا”، بل تحتاج لعلاقات مع الجميع، ولتعود قوية ومؤثرة وتتجاوز أزماتها السياسيه والإقتصادية، وعلى الإعلام أن يحدد هل يريد بعد حادثة تصيب سياح أن يخاطب الداخل، أم أن البوصلة لا تعرف قبلة الجمهور الخارجي بحكم العادة.

 

الموقع الشخصي

9 نوفمبر 2015


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *