تونس و نداء نوبل

جمد ثلاثين نائبا من حزب “نداء تونس” ذو الأغلبية في البرلمان عضويتهم، ويطلب النواب إعادة ترتيب البيت الداخلي، وعقد إجتماع للمكتب التنفيذي وحسم الخلافات بين جناحي الحركة، الجناح الأول الذي يقوده نجل الرئيس التونسي حافظ قائد السبسي، وهو نائب الحزب و ينحو لأسلمة نداء تونس تملقاً لحركة النهضة.

أما الجناح الثاني فيقوده الأمين العام للحزب محسن مرزوق، الذي صرح بأن هناك من يحاول فرض واقع التوريث حيث يظهر للبعض أن شرعية السلالة أهم من شرعية السياسة، معتبراً أن إعتراضه الحقيقي على سعي الرئيس لتوريث إبنه، خروجاً على الدستور الذي يوجب إستقلالية الرئيس عن الأحزاب.

بالطبع تصب هذة الخلافات داخل حزب الأكثرية في صالح حزب النهضة، حيث أن الإنشقاق لو تم وخرج من نداء تونس ثلاثين نائباً، ستخسر الحركة أغلبيتها البرلمانية بخمس وثمانين مقعد، وستكون الأغلبية عندها لحركة النهضة الحاصلة على 69 مقعداً، مما سيدفع في الغالب لإنتخابات مبكرة على شاكلة تركيا.

هذة إحدى المنعطفات الصعبة التي تمر بها الديموقراطية التونسية، ولدى تونس تحديات أمنية وإقتصادية كبيرة جداً، حيث تعاني ميزانية الدولة عجزاً كبيراً بلغ 10 ملايين دينار تونسي، أي حوالي 5 ملايين دولار، مما سيدفع الحكومة التونسية لرهن عقارات منها ملعب كرة قدم.

الوضع الأمني تأثر بمخاطر تفكك الدولة وإنتشار الإرهاب في ليبيا، كذلك تأثير حادثة متحف “باردو” ، والهجوم الإرهابي على السواح في “سوسة”، هذه المشاكل الأمنية أثرت على الإقتصاد وعلى السياحة تحديداً، رغم أن الحكومة تعاملت ببراجماتية بعد الحادثة عبر إعادة سفير النظام السوري، بما يشبه الصفقة الغير معلنه بمنح بعض الشرعية مقابل منع إعادة الإرهابين التونسيين.

استمات الغرب لتكون “ثورة الياسمين” التجربة الأنجح من تجارب الربيع العربي، ألمانيا اليوم تقدم تقنيات لمراقبة حدود تونس مع ليبيا، وإقتصاديا لم يتوان صندوق النقد من منح تونس قروضا فيما تلكأ في منح مصر في نفس الفترة، وأخر ذلك منحة من الإتحاد الأوروبي بقيمة 23 مليون يورو قبل ثلاثة أيام، لتمويل “برنامج دعم إصلاح وتحديث قطاع الأمن”.

الغرب سعى كذلك لدعم تونس معنوياً عبر جائزة نوبل، التي تحوم بعض الشكوك حول نزاهتها، و ما يزيد من الريبة سعي الولايات المتحدة بعد الجائزة ليكون لها قاعدة في تونس، تحت ذريعه مراقبة داعش في ليبيا ، ولكن الجزائر تعاملت بحزم وخيرت تونس بين القاعدة الأمريكية أو العلاقات معها.

المشكلة الرئيسية في تونس هي مشكلة كل دول الربيع العربي، حيث قفز الإسلاميون وخصوصاً جماعة الإخوان إلى السلطة، فسرعان ما غاب الأكسجين عن الشعوب، وعندما أرادوا التغيير مجدداً، لم يجدوا إلا الحرس القديم، وهذة المعادلة الصفرية ومع غياب القدرة على إنتاج كوادر سياسية، بالإضافة إلى تجريف متعمد للشباب وقود الثورات، هي ما يؤدي إلى دول لا تختلف في شكلها كثيراً عن وضعها قبل الثورة.

ويبقى الإختلاف أن الوضع الإقتصادي أسوأ، والسياحة هاربة لغياب الأمن، والغرب أكثر قدرة على التدخل من ذي قبل، لأن من لا يملك رغيفه لا يملك قراره، ولهذا يجب أن تُسحب جائزة نوبل من الرباعي الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وتمنح لنداء تونس وحركة النهضة على إحسانهم في وأد الياسمين.

 

الموقع الشخصي

الأحد 8 نوفمبر 2015


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *