يلتقي الفرقاء اليمنيون في جنيف اليوم الإثنين، بعد تأجيل يوم واحد بدعوى تأخر الحوثيين وأنصار صالح عن الموعد السابق أمس الأحد، ويعتزم مندوب الأمين العام للأمم المتحدة ولد الشيخ إسماعيل، اللقاء مع الفرقاء اليمنيين في اجتماعات متفرقة.
واشترط الحوثيون من ضمن العصي في العجلات أن تكون الاجتماعات معهم ومع مندوبي حزب المؤتمر «ممثلو صالح»، سابقة لاجتماعات مندوب الأمين العام للأمم المتحدة مع الحكومة الشرعية والمقاومة الشعبية وبقية الأحزاب اليمنية.
جنيف التي تستضيف المفاوضات اليمنية سبق أن استضافت المفاوضات السورية لحل الأزمة بين النظام السوري والمعارضة، وخرجت بقرارات جنيف واحد ثم جنيف اثنين، وكأن جنيف اختيرت أن تكون شؤماً على العرب وربيعهم، فلم تأخذ تلكم المخرجات حيّز التنفيذ على الأرض، لتعنّت داعمي نظام بشار الأسد ولاسيما روسيا وإيران، روسيا التي من جهة تعتبر أن خسارة بشار قد تؤدي إلى خسارة قاعدة طرطوس، كوجود أخير في البحر الأبيض المتوسط بعد خسارة ليبيا غرراً.
أما إيران فتعتبر سورية هي العمود الأساس للإمبراطورية المزعومة، فمن دونها تفقد الواجهة البحرية على البحر الأبيض المتوسط، وتفقد البقعة الأهم، وهي لبنان الواجهة الشمالية لإسرائيل، والتي تحتاج إلى مناكفاتها متى ما دعت الحاجة الدعائية إليها، وإن كانت الحاجة إلى هذا الضرر ستقل من ضمن مشهيات الاتفاق النووي مع قوى (٥+١).
معطلات الحل الجنيفي في سورية لا تختلف كثيراً عنها في اليمن، إلا من جانب الحليف الروسي الذي لا يجد في معركة اليمن معركته الحقيقية، كما أنه قد يجد في ترك اليمن وشأنه، بل وبيع بشار في مقابل وجود له في سورية المستقبل ثمناً مناسباً لمد يده في شرق أوكرانيا، والتنسيق مع دول المنطقة والولايات المتحدة، للحد من تمدد الإرهاب إلى خاصرة روسيا «البلقان».
أما إيران فمع ترنح بشار الأسد ووصول القوى المعارضة إلى تخوم الساحل، وفشل الحشد الشعبي (الشيعي) في استعادة بيجي بالكامل، أو المناطق السنية التي تهاوت بسهولة في يد تنظيم داعش، لا تستطيع أن تتخلى عن اليمن بسهولة، وحتى لو كان الحلم الكبير بالسيطرة على مضيقي باب المندب وهرمز صار صرحاً من خيال فهوى، إلا أن إبقاء ضلع مناكف في اليمن، على شاكلة الثلث المعطل لـ ٨ آذار في لبنان، يكفي إيران لوجودها والسعي إلى اقتناص فكرة التمدد في أي لحظة سانحة مستقبلية.
داخلياً، تشوب الحليفين الانقلابيين صالح والحوثيين شكوك لم تنتهِ ومصالح لم تنقضِ، فكلاهما يرى الحكم هدفاً ويرى الحليف سلماً لا شريكاً. صالح يرى أن الحكم سُلب منه في ليلة مظلمة، بعدما حرق في تفجير مسجد النهدين، ويرى أن الحوثيين ما هم إلا عصابة هو قواهم كما فعل مع تنظيم «القاعدة» لمناكفة الخليج وأميركا واستجلاب المساعدات الخارجية، بينما لا يرى الحوثيون في صالح إلا قاتلاً لحسين الحوثي (شقيق عبدالملك الأكبر)، وعنواناً للفساد وسداً أمام وصولهم إلى الحكم وتعيين الولي عبدالملك الحوثي حاكماً لليمن.
وعندما كتبت الأسبوع الماضي عن مفاوضات جنيف بأنها نزهة، لم أبالغ، لأن الطرفين اليمنيين لا يعترفان بعضهما ببعض من الأساس، الحكومة الشرعية والمقاومة الشعبية تريان أن صالح والحوثيين انقلابيون، والحوثيون لا يرون للحكومة والرئيس هادي أي شرعية، أما الأمم المتحدة فلا تملك الإرادة للحسم في الخلاف في أيام الحوار الثلاثة، وتطبيق القرار 2216، ولا في الملفات الثلاثة التي ترعاها وتشرف على حواراتها الأمم المتحدة في سورية وليبيا واليمن، ومن ثم لن يتجاوز سقف المفاوضات تطبيق هدنة بين الطرفين في شهر رمضان المبارك، وكل عام وأنتم بخير.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/9526964/
الأثنين 15 يونيو 2015
اترك تعليقاً