في عام ٢٠٠٦ وإبان حرب تموز بين حزب الله وإسرائيل، كان هناك صوتان من الصراخ، أحدهما مع الحرب، على قاعدة “انصر من كان إذا حارب إسرائيل”، وتسيده القوميون العرب واليساريون، وأذكر صورة شهيرة لمكتب إبراهيم عيسى آنذاك بها صورة جيفارا ونصر الله.
التحق أيضاً بتيار التأييد تيار ديني، كان يعرف حينها بالتيار التنويري، وكان بعض هذا التنوير أخذ آراء أكثر تسامحاً مع الشيعة كحمائم، وترك أقرانهم من السلفيين في دور الصقور من الشيعة، ومن ثم كان شعار السلفيين حول حرب تموز “اللهم أهلك الظالمين بالظالمين”.
صوت العقل حضر للمرة الأولى في تلك الفترة، عبر تحليل الحرب بالأرقام والنتائج، وعدم شراء فكرة أنه انتصار بعد كل التدمير في البنية التحتية للبنان، ومقتل أكثر من ١٢٠٠ شخص، وبالطبع كان صوت العقل هادئاً ومقنعاً للنخب، في مقابل صراخ وشعارات، تمنينا لو أنها رحلت مع الستينات.
وكأن تلك الحرب التي لم يكن فيها تحرير لأرض كما في حرب ٢٠٠٠، إنما هي إشارة إلى أن الديكتاتوريين مهما تشدقوا بالمقاومة، أو أداموا الغزل لفلسطين، فإن هذا السلاح دوماً يتجه في نهاية الأمر إلى صدور الأبرياء من شعبهم.
توجيه السلاح إلى الداخل رأيناه في لبنان عبر ميليشيات حزب الله في ٢٠٠٨، ورأيناه كذلك من بشار الأسد رأس المقاومة كما يزعمون، الذي استمر على عقد التأجير للجولان الذي بدأه والده، ودك السوريين منذ ٢٠١١ ليقتل ٣٠٠ ألف، ويهجِّر ما يتجاوز على عشرة ملايين سوري، ثم عاد العميل الثالث لإيران نوري المالكي ليستخدم هذا السلاح الطائفي ضد السنة.
اليوم والسعودية ودول التحالف تخوض حربها على ميليشيات الحوثي وأتباع صالح، يبدو أن «عاصفة الحزم» كانت مفاجأة غير سارة، بل إن الإيرانيين الذين كانوا يتمنون الاحتفال برفع العقوبات، هاهم يتمنون وقف العملية التي جردت الحوثيين من تفوقهم العسكري، بل وربما يخشون أن تصبح الأحواز ثورة خضراء أخرى، ربما سيصعب قمعها والحرس الثوري يركض شرقاً وغرباً، للملمة ما يمكن جمع شتاته.
السعودية توجعهم بالسياسة أكثر مما توجعهم بعاصفة الحزم، فها هي السعودية تعيد السودان إلى الحضن العربي، بل الأسوأ لإيران الوجع الذي تسببه بتوثيق علاقاتها مع آسيا الوسطى، هذا بدأ عبر زيارة الرئيس الأذربيجاني، ويبدو أننا سنشهد زيارات مماثلة من دول الطوق الإيراني.
غسان جواد حين كان مع الأستاذ جميل الذيابي عبر برنامج بموضوعية، رسخ في حواره الوجع الذي يشعر به حزب الله، وكان ذلك واضحاً من صوته ومن ألفاظه، وهذا ما أكد أن كلمة نصر الله وما أظهره من عصبية، ليس أمراً طارئاً، وأن كل ضربة من ضربات الجنود البواسل تضرب الحوثيين بالرصاص، وتضرب نفسيات عملاء إيران بالقدر نفسه.
الصحافيون المعممون من أمثال غسان جواد، كسرتهم عاصفة الحزم كثيراً، ويعيشون اليوم حالة رهاب، من تحول اليمن إلى حجر دومينو تسقط بعده بقية أحجارهم بشكل متتال، بعد أعوام من المال والسلاح والتبشير بالإمبراطورية التي لا يغيب عنها الرجس، والأخبار الحزينة مستمرة من عودة السودان إلى سقوط إدلب وخسائر تكريت. ومن هنا، يجب ألا نلوم الجواد فكبوة العاصفة موجعة.
الموقع الإلكتروني
12 أبريل 2015
اترك تعليقاً