في ١٧ كانون الثاني (يناير) خطف الحوثيون مدير مكتب رئيس الجمهورية أحمد علي بن مبارك، وبمعيته مسودة الدستور الجديد، وبعدها بيومين كتبتُ مقالة بعنوان: «متى سيخطفون الرئيس؟» في الـ19 من يناير، وقد كان أن حاصر الحوثيون مقر الرئيس في اليوم نفسه، وأخضعوه للإقامة الجبرية.
احتجاز الرئيس هادي كان عقاباً له على قرار استقالته، ورفضه الاستمرار في المسرحية الهزلية، من تمثيل الحوثيين وإنتاج علي عبدالله صالح، وبإخراج جمال بن عمر المبعوث الأممي إلى اليمن، وقد ختمت المقالة بالقول: «أما الحوثيون فيبدو أنهم لم يريدوا فقط خطف مستشار الرئيس، بل خطف قرار الرئيس نفسه منذ 21 أيلول (سبتمبر) الماضي، ولكنهم ينسون دوماً سلطة القبيلة، ولاسيما في أبين وشبوة، وهي الرادع الحقيقي لاختطاف اليمن».
ورأينا كيف أن قبائل شبوة كانت الدافع الرئيس لإجبار الحوثيين على إطلاق سراح أحمد عوض بن مبارك، بل وتسلميه في بيت الشيخ عوض الوزير، أحد كبار مشايخ قبائل شبوة، تم ذلك بعد إيقاف قبائل شبوة لعمل المؤسسات الحكومية، وإيقاف العمل بشركات الغاز والنفط، ولأن الحوثيين ينهلون من تعاليم الرئيس السابق صالح، فقد أصروا على مغادرة ابن مبارك اليمن، كما كان صالح يرى بضعف أثر قيادات الحراك الجنوبي ما دامت في الخارج.
الجميع كان ينتظر رد فعل الخليجيين، عبر اجتماعات عدة عقدت بين وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون، لمناقشة تطورات الوضع في اليمن، وقد كان الخليجيون واضحين في بيانهم عبر اعتبارهم الرئيس عبدربه منصور هادي الجهة الشرعية في اليمن، وأن ما قام به الحوثيون هو انقلاب على السلطة، وعلى الحوار الوطني الذي كان إحدى نتائج المبادرة الخليجية التي دعمها مجلس الأمن.
يوم السبت الماضي بدأت الأخبار السعيدة تعود من اليمن، بعد أن كان يمناً حزيناً منذ ٢١ سبتمبر الماضي. الأخبار السعيدة كانت وصول الرئيس هادي إلى عدن، والحمد لله أن جمال بن عمر أصدر تصريحاً ينكر فيه أي علاقة له بهروب الرئيس إلى عدن، إذ أزال عنا الخشية من أن يكون ساعياً إلى خير اليمن على غير العادة.
الخليجيون بطبعهم يفعلون أكثر مما يقولون، وهذا يرجع إلى الثقافة وإلى نظام الحكم، بعكس جمهوريات المذياع التي تكمل نصف زادها من خطابات الرئيس، ولهذا فكان الدور الخليجي واضحاً في وصول الرئيس إلى عدن ولو لم يعلن، وكان الحاضر الآخر في هذه العملية الاستخبارية هو القبيلة، إذ ذكرت مواقع يمنية مقربة من نجل الرئيس هادي، أن شيخ قبيلة قريب من الخليج كان وراء عملية تحرير الرئيس.
اليوم يعود الرئيس هادي إلى الحكم ليكتب مرحلة مهمة في تاريخ اليمن، إذ أصدر بياناً من عدن معتبراً جميع التعيينات منذ ٢١ سبتمبر لاغية، وأعلن تمسكه بالمبادرة الخليجية وبمخرجات الحوار اليمني، التي أقرت تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، وهو ما عارضه الحوثيون وصالح معاً.
في عنوان المقالة قصدت أن أستخدم المضارع من فعل العودة، لأن الخليج يعود إلى اليمن ولن يكرر خطأ ترك اليمن بعد المبادرة الخليجية، الخليجيون يدركون أن جميع اليمنيين ضد الانقلاب الحوثي، بدا ذلك واضحاً من كل التصاريح القبلية ومن القيادات الجنوبية، وظهر أيضاً من الأحزاب السلفية والناصرية، الذين تبدو عليهم الصدمة من تحرر الرئيس، إذ لم يصدروا أي بيان، وسارعوا إلى تشديد الحراسة على مقر رئيس الوزراء والوزراء.
كان حصار الرئيس القشة التي قصمت ظهر البعير وأسقطت آخر المؤيدين للحوثيين، وتحرره سيكون الوتد الأول إلى عودة اليمن محرراً وعربياً.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/7603568
الاثنين 23 فبراير 2015
اترك تعليقاً