عندما بدأ تنظيم داعش دخول العراق وبعد أشهر من سيطرته وجماعات إرهابية أخرى على مناطق واسعه من سوريا، بدى أن وجود داعش في العراق أمر غير مقبول، أما وجود داعش في سوريا فهو جزء من خطة بقاء الوضع السوري كما هو عليه، والحفاظ بالطبع على بشار الأسد، أو على أقل تقدير وجود داعش أمر مقبول في سوريا، وخط أحمر حقيقي في العراق، وسقوط تجربتي الديموقراطية في بغداد -رغم تحفظي على المسمى-، بالإضافة إلى تجربة الفيدرالية مع الحليف الأمريكي “إقليم كردستان”.
عندها سعى أوباما لإبعاد داعش عن العاصمة بغداد، خصوصا بعد صدمة سقوط الموصل، وإقتراب عناصر داعش من مصفاة النفط بيجي القريبة من بغداد، مع الحرص على عدم الزج بعناصر برية على الأرض، مما يؤثر في منجز سحب القوات في 2011 ، وهو منجز داخلي أمريكيا، سيكون مفيدا في انتخابات 2016، بالإضافة إلى منجزي القضاء على أسامة بن لادن في باكستان والعوهلي في اليمن عبر طائرة بدون طيار.
وهنا تحركت أمريكا للزج بعشرات العناصر الإستخبارية في بغداد ، تساعد الجيش العراقي بالمعلومات والخرائط، لتقوم بعمليات نوعية، تبعد خطر داعش إلى سوريا، أو إلى مناطق العرب السنه في العراق كمرحلة أولى، وقُدم دعم مشابه لإقليم كردستان ساهم في إبعاد خطر داعش عن جسر الموصل وإن لم ينتهي خطر داعش في تلك المنطقة تماما، خصوصا للفارق النوعي لداعش عبر دبابات حديثه تحصل عليها من مستودعات الجيش العراقي، تفوق نظيراتها الكردية القديمة جدا، غير متناسين أن الفرق الحقيقي الذي أسهم في حماية كردستان كان ضربات التحالف الدولي ضد داعش.
وقبل أن ندخل لمرحلة تكوين التحالف الدولي، لابد أن نشير إلى أن الفراغ الحاصل على الأرض العراقية، بعد أن إتضحت هشاشة الجيش العراقي، لم يملاه إلى ميليشيات عراقية قادها قاسم سليماني، وبالتالي كان الأمريكيين يقدمون المعلومات للعراقيين ، الذين يمررونها للإيرانيين ليقاتلوا على ضوئها في العراق، بعلم وغض طرف برجماتي من الأمريكان.
وعودا إلى التحالف الذي إضطر الأمريكان من خلالة للإستعانه بحلفاء سنه، على رأسهم السعودية والإمارات، مما يعطي شرعية للغارات في أقليم أغلبيته من السنه، كان لزاما على الأمريكان إستبعاد إيران من هذا التحالف حتى لا يغضب الحلفاء السنه، رغم تصريحات إيران المرحبه بالتعاون مع أمريكا في قتال الإرهاب في العراق، مما يعزز فكرة إيران بأن بشار الأسد أيضا لا يتصدى لثورة شعبية بل يكافح الإرهاب.
التحالف بدى أولى ضرباته الجوية في سبتمبر 2014، وبعد أربعة أشهر في ديسمبر 2014ظهر خبر قيام مقاتلات إيرانية بضرب مقرات داعش في محافظة ديالى العراقية دون تنسيق مع الولايات المتحدة، وظهرت تصريحات أمريكية حرصت فقط على تأكيد عدم وجود تنسيق مع إيران، وأحيانا التأكيد أنه أمر يخص العراقيين كما صرح جون كيري، وبالتالي مثل ذلك “غض بصر” جوي بعد “غض البصر” البري مع الحرص على التأكيد على نفي التنسيق، مع إستحالة الطيران دون تنسيق في حالة الطيران المدني ناهيك عن ساحات الحرب.
يوم الأحد قبل الماضي، صرح أوباما في مؤتمر صحافي مشترك في نيودلهي مع رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي إن “أولويتنا هي الإبقاء على الضغط على القاعدة في اليمن وهذا ما نقوم به”، وأضاف أيضا إن “اليمن لم يكن على الإطلاق ديموقراطية تامة أو جزيرة استقرار”، ومن التصريح الأخير يتضح أن خلافنا مع أمريكا خلاف رؤية وخلاف أولويات، فهم يسكتون اليوم عن إرهاب متنامي في سيناء، ويقبلون بالحوثي منقلبا في صنعاء شريطة إلتزامة بحرب القاعدة، التي ضربتها بالمناسبة طائرة أمريكية السبت الماضي في محافظة شبوة باليمن، وتريد سوريا دولة فاشلة كاليمن، باذلة الجهد لحماية العراق من الفشل، وتنسيق جوي مع إيران غير معلن لأنه زواج مطيار مشابه لزواج المسفار.
الموقع الشخص
14 فبراير 2015
اترك تعليقاً