بدأت فترة الصمت الانتخابي في الـ24 من أيار (مايو) الجاري، والتي تسبق عادة توجه المواطنين المصريين في الداخل لصناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم المقبل، والخيارات ليست عديدة كما في استحقاق 2012، إذ كان عدد المرشحين الحاصلين على عدد التوكيلات المطلوب 13 مرشحاً، والحقيقية لم يكن الرقم هو الفأل السيء وحده، فحدث ما هو أسوأ عبر نتائج الانتخابات.

 يترشح للانتخابات الرئاسية الحالية المشير عبدالفتاح السيسي بعد الزخم الشعبي الذي حصل عليه، بعد الاستجابة لضغوط الجماهير وإسقاط الحكم الفاشي للإخوان المسلمين، كما يترشح لها حمدين صباحي زعيم التيار الشعبي، وهو من يقدم نفسه كناصري مع مسحة ديموقراطية، على رغم تصريح كثير من الناصريين بل وأسرة عبدالناصر نفسها بدعمها للمشير السيسي.

 ودائماً ما تلتصق بأي استحقاق انتخابي مذمة الحسم المبدئي، عبر تثبيط الناس عن المشاركة باعتبارها محسومة لمرشح بعينة، وهو ما رُوج سابقاً عن الفريق أحمد شفيق، والذي بالطبع لم يفز في الانتخابات الماضية، تأكيداً على نزاهة القضاة ومراقبي الانتخابات، وبالمناسبة ففي الانتخابات الحالية وُزع المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية المصرية 26 ألف مراقب محلي، إضافة إلى 10 آلاف مراقب للمتابعة خارج اللجان، وهو ما يضمن نزاهة الانتخابات، مضيفين إلى ذلك المراقبين الدوليين.

 وعند النظر في نقاط القوة والضعف للمرشحين، نرى أن حمدين يمتلك بلاغة أكبر في الحديث وسرعة بديهة لطبيعة الخبرة التي جناها، خصوصاً في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وهو ما دفع المشير السيسي أو ربما مستشاريه لتجنب قبول دعوة المناظرة مع حمدين صباحي، خصوصاً ومحرقة المناظرة لعمرو موسى وأبوالفتوح على السواء ما زالت حاضرة في الذهن، إذ لم يشفع لأبوالفتوح النتائج الجيدة التي جناها من تصويت المصريين بالخارج حتى تدفع به لمرحلة الإعادة. الكاريزما وحدها لن تنفع حمدين صباحي للوصول للاتحادية، إذ لم يكن حتى في جبهة الإنقاذ الشخص الأبرز، وتفوقت عليه كاريزما شخصيات مثل البرادعي وعمرو موسى داخل الجبهة، وإذا كنت زرت مصر خلال أشهر حكم الرئيس السابق محمد مرسي، ثم بعد زوال حكمه، تجد أن التغير الرئيس في نفسيات المصريين، هو عودة الأمل بالمستقبل، وهذا الأمل والتفاؤل ارتبطا ذهنياً بالمشير السيسي بجهد كبير من الإعلام بطبيعة الحال.

 المشير السيسي كثف من لقاءاته في الفترة السابقة، ودفع ذلك الكثير من الخصوم للتصيد عليه عبر عباراته الاقتصادية ذات النفس الشعبوي، من شاكلة تقطيع رغيف العيش إلى أربعة أجزاء، ولكنه بدا مدركاً للواقع والتحديات الإقليمية والدولية، ومدى الوهن الذي يواجهه الاقتصاد المصري، وكان عروبياً واضح الالتزام بأمن الخليج، وبمسؤولياته تجاه فلسطين وليبيا والسودان.

 المرشح السيسي يمتلك فرص النهوض بالاقتصاد أكثر من منافسه على الأقل لموقفه الواضح من دول الخليج وأمنها، والتزامه الكامل بهذا الملف، وقدرته على تصدير خبرة الجيش في الانضباط والإنتاجية، واستعارة للكلمة الشهيرة التي أُطلقت وصفاً لفوز الرئيس بيل كلينتون على منافسة القوي جورج بوش الأب، إذ سمى ذلك النصر الخبير جيمس كارفيل بأنه «الاقتصاد يا غبي»، مفسراً فوز مرشح مغمور على رئيس الولايات المتحدة ورئيس CIA السابق حينها.

 وعبارة كارفيل صحيحة على المدى البعيد فالمواطن المصري لو لم يرى ازدهاراً اقتصادياً خلال عامين من حكم الرئيس المقبل، فالأرجح أنه سيقوم بانتفاضة تشابه انتفاضة الخبز في 1977 ضد السادات، أما الضرورة الآنية للمواطن المصري فهي الأمن، الأمن الداخلي الذي تعاظمت أهميته مع زيادة وتيرة عنف الإخوان وحلفائهم وتهديداتهم بأن يعكروا صفو الانتخابات، وأمن الحدود سواء الغربية مع حال اللادولة في ليبيا، أو في سيناء وتماسها مع قطاع غزة، وبالطبع الأمان المائي الذي يهدده سد النهضة الإثيوبي.

صحيفة الحياة

http://www.alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/2605661

الأثنين 16 مايو 2014


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *