|
نشرات الأخبار سكتت عن كل شئ ، وأنشغلت بدخان الضربة الغربية المحتملة لسوريا، وبالطبع دخان الضربه كانت ناره مجزرة الغوطتين، وسقوط حوالي ٣٠٠٠ قتيل بالأسلحة الكيميائية.
أوباما التي تأتيه المصائب تترى وكثيرا ما توافق عطلاته، بقدر ما يحاول الهرب منها في الملفات الخارجيه، وكما قطع إجازته بسبب إعصار ساندي الذي سبق الإنتخابات التي فاز فيها لفترة ثانية،أتت ضربة الأسد للغوطتين بالكيماوي مع موعد إنتهاء إجازته ، ولكن هذة المره لم يترك له بشار أي خيارات.
فأوباما سبق أن صرح بأن إستخدام الكيماوي هو خط أحمر، وسماح أوباما بأن يكسر الأسد الخط الأحمر دون ردع، هو أمر مهين لرئيس الولايات المتحدة ، رغم أن من يفقد قريب أو صديق لا يضيره إن قتل بسلاح كيماوي أو بسكين ، كذلك الموقف البريطاني والفرنسي المتماهي مع ضرورة الضربة، والموقف الروسي الذي يشير إلى أن بوتين أعطى للأسد كل الوقت والسلاح والفيتو ليسحق شعبه ولم يستطع، وبالتالي فهو لا يستحق مزيدا الدعم.
أوباما من أكثر الرؤساء تحفظا ورغبه في تجنب الحروب، وهي سمة ديمقراطية وإن كانت جرعتها أكبر لديه، ومن المعروف أنه عمل على سحب قواته من العراق وأفغانستان ، وعمد لسياسة صيد الخصوم بطائرات دون طيار، وعبر فرق كوماندز محدودة إذا لزم الأمر مثلما تخلص من بن لادن، وبعض قيادات القاعدة في اليمن.
ولكن أوباما اليوم لديه أدله قاطعه على إستخدام الأسد للسلاح الكيماوي، عبر ما قدمته الهيئة العليا للثورة السورية للCIA على الحدود التركيه، كما أن صور القتلى لا سيما الأطفال سببت له الحرج الشديد أمام الرأي العام، وأصبحت الضربه بالنسبه له السيناريو الوحيد، ولم يبق من الخيارات إلا التفاصيل.
بقي النقاش حول مدى الضربة المنتظرة ، وهل هي ضربة توجع الأسد، كضربة بوش الأب في التسعينات، والتي أخرجت صدام من الكويت ولم تسقط نظامه، أم هي كضربة بوش الإبن التي أسقطت حكم البعث بالكامل، ولأن إسقاط النظام عبر التدخل العسكري لا يتم دون تدخل بري، فلن تتجاوز الضربة العسكرية إيذاء الأسد وتعطيل القدرات الصاروخيه لديه، مما يجعلها ضربة أوباما الأب.
تعلمت أمريكا من العراق وطبقت ذلك في ليبيا، ويبدو أن التحرك في سوريا سيكون مشابها لليبيا، حيث لا يتسبب في خسائربشرية في صفوف المشاركين، كما أن الخبر الذي تلا التصريحات الغربية الأولية عن الكيماوي، أشار إلى دخول شحنات كبيرة من الأسلحه إلى الجيش الحر، مما يشير أن قرار الضربة جاء متزامنا مع قرار التسليح.
التزامن بين التسليح -الذي تلكأت به بريطانيا وفرنسا منذ سته أشهر- وبين الضربه، يشير إلى الرغبه في تجنب إرسال أسلحه نوعيه لسوريا تسمح بإسقاط الطائرات، حيث لا يؤمن أين تنتهي هذة الأسلحه، والتي قد تحصل عليها القاعدة أو حزب الله أو حتى نظام الأسد لو إعترض طريقها وهي قادمه من تركيا، أمريكا والغرب يريدون أن يلغوا ميزة الطيران والقدرات الصاروخية للأسد، ويتركون الحسم البري للسوريين فيما بينهم، مع حفظ ماء الوجه أمام الرأي العام بعد صور أطفال مجزرة الغوطتين، مع عدم تجاهل أن السلاح الكيماوي خط أحمر بالفعل.
سوريا اليوم دمار وقتلى وجرحى ومتطرفين طائفيين بين صفوف الطرفين، ولا يتوقع أحد أن الجغرافيا السورية بعد الضربه لن تكون أسوأ، ولكن نأمل أن يكون التاريخ بعد الضربة أفضل،نحلم بغد أجمل لسوريا أبى بشار الأسد إلى أن يبنى على الأشلاء، وأن تصبح بلد الأنهار نهرا من الدماء.
اترك تعليقاً