كم كانت صور الأخبار مؤلمة جداً من سوريا، عداد الأرقام يزيد من أعداد القتلى الذين سقطوا بالكيماوي، كان الجميع يتوقع أن يستغل السفاح بشار ضعف التغطية الإعلامية لسوريا، بسبب الأحداث في مصر والتي سرقت الضوء من الجميع، ولكن لم يتوقع أحد أن يتم ذلك بهذة الوحشية.
ولكن على الطرف الآخر كان المراقبين الدوليين، والذين ذهبوا لسوريا للتثبت من إستخدام الأسلحة الكيميائية، يسكنون غير بعيد من الأماكن التي تعرضت للأسلحة الكيميائية في الغوطتين، وإستغرب الجميع كيف فكر بشار الأسد بهذه الفجاجة، وهل هو بتصرفه يقول لا يهمني المراقبين ولا مجلس الأمن ؟
والحقيقه أن هذا تفكيرنا نحن العرب الذين لا يعبأ برأينا بشار كثيرا، ولكني أجزم بقناعة تامة أن مجلس الأمن ومراقبيه يهمونه كثيرا، بل دوما ما كان رد الفعل الغربي في صدارة إهتمامات بشار، وهو يدرك تماماً أن زواله مرهون بالإرادة الغربية، التي متى ما أرادت وضع مناطق حظر جوي ، فلن يبقى أكثر من قرينه القذافي كثيرا.
وحتى نفسر كيف يقتل بشار بهذة الفجاجة ، وفي نفس الوقت يهاب مجلس الأمن، فاسمحوا لي أن أتجه قليلا للجنوب، حيث سبق الكيماوي في سوريا تفجير في الضاحية الجنوبية معقل حزب الله، ومعروف لدى اللبنانيين تحصينات الضاحيه، ومدى معرفه أهلها بدخول الغرباء، إضافة إلى الحواجز الأمنيه التي يقيمها أحيانا مسلحين من الحزب على المداخل الأربعه للضاحية، مع السياق الإعلامي لإبراز الأسير فجأة وتضخيم قدراته، مما يفيد بالنتيجة لتسويق أن الإرهاب والقاعدة توغلت في سوريا ووصلت لبنان.
وإذا بقينا في لبنان وعدنا بالذاكرة ، نجد أن جميع الإغتيالات السياسية خلال العقد الأخير، تزامنت مع جلسات مجلس الأمن الخاصة بمحكمة الحريري، حتى يصل للدوائر الغربية هاجس أن الطرف الخصم لسوريا وحزب الله هو من يقوم بذلك، لأنه يعرف أن سؤال “معقولة ؟” هو ما سيأتي على ذهنهم ، على صيغة أنه ليس من المعقول أن يزيد في الإغتيال من يخشى أن يحاكم للإغتيال.
النظام السوري منذ بدأت الأزمة، يلعب بنفس الأوراق الأربعة التي أبقته حتى الآن، الأولى والأهم أنه حامي إسرائيل والحارس الأمين للجولان، الثانية أنه الخصم للإرهاب وأنهم هم البديل عنه، كما أكد ذلك نصر الله تماهيا مع الخطاب السوري حين إتهم تكفيريين بأنهم وراء تفجير الضاحية، متناسين أن من مثل محطه الترانزيت لدخول القاعدة للعراق هو نظام البعث السوري، والذي أدى بالتراكم إلى إنسحاب القوات الأمريكيه، وتسليم العراق لإيران.
الورقة الثالثة التي يستخدمها أكذوبة أنه النظام العلماني الأخير في المنطقة، وهو الحافظ لبقاء الأقليات المسيحية والدرزيه والعلوية، وهذة الورقه المهمة للغرب إستخدمها بشار منذ بداية الأزمة عبر إرسال البطرك للبرازيل، رغم أن السوريين يعرفون جيدا أن التصفيه أو السجن للمعارضين كانت الأمر الوحيد الذي قام به بشار دون طائفية.
الورقه الأخيرة هي ورقة “معقولة ؟” التي ذكرت ، والتي تصاحب كل تحرك لمجلس الأمن ، حيث يليها الإنكار السوري للمجتمع الدولي ، عبر الإشارة إلى إستحالة أن يقوم بما يضره في التوقيت، فالمجرم يهمه فقط إزالة البصمات وإثبات عدم تواجده في مسرح الجريمة إبان حدوثها.

الموقع الشخصي
22 أغسطس 2013


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *