الشهيد المعارض

هناك مراحل للاختلاف في الرأي، وهناك درجات من التعاطي مع الرأي المختلف، تبدأ بمناقشة الرأي ومحاولة إقناع الطرف المخالف، وتكون أقصى درجات العنف الكلامي عبر الإساءة لشخص المخالف، بعيداً من أفكاره ومنهجه، ومحاولة الطعن في شخص غالباً بالتدليس.

ولكن رد الفعل على الاختلاف لا يقف عند الرد اللفظي، ويتجاوز ذلك أحياناً للردع قانونياً، خصوصاً إذا كنت تعارض صاحب السلطة، ففي مصر يستخدم النظام الحالي إرث النظام السابق، عبر التخلص أو تخويف الخصوم بالقانون، بدأ ذلك عبر منع أحمد شفيق من دخول مصر، وإصدار أمر ضبط وإحضار له في كل منافذ دخول مصر، وتم ذلك أيضاً عبر بحث إستصدار قانون للعزل السياسي من البرلمان المنحل، وصولاً لإقراره دستورياً.

نحن نشهد حالياً إستدعاء مقدم برنامج «البرنامج»، الإعلامي باسم يوسف، ومساءلته عبر تهم الإساءة للرئيس وازدراء الأديان، والأخيرة يصل الحكم فيها للإعدام، إذا رأى القاضي تحقق الازدراء، تماماً كما حصل في حق الأقباط الذين نسب لهم الفيلم المسيء للرسول «صلى الله عليه وسلم»، مع البون الشاسع بين الحالتين.

واستغلال القانون كأداة في المعركة ضد الخصوم، يأتي عبر طرق عدة، منها منح أولوية لقضايا تأخذ عادة أعواماً في القضاء، لتحسم في أيام، أو عبر تجاهل تطبيق القرارات القانونية أو تعطيلها، كما تفعل الرئاسة المصرية مع قرار المحكمة القاضي ببطلان عزل النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وهو ما فعله النظام السابق مع «الأخوان الزمر»، حين انتهت محكوميتهما ورفض الإفراج عنهما بعلة أن خروجهم تهديد للأمن.

في لبنان السورية رأينا أقصى درجات رفض المخالف، عبر اغتيال قامة بحجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حين فشلت كل حملات التشويه والتهميش من عملاء سورية، وهذه الدرجة هي أقصى ما نخشاه في مصر، لأن دخول مرحلة الاغتيالات، لا قدر الله، لأي من رموز جبهة الإنقاذ، أو الإعلاميين المخالفين لحكم الإخوان، سوف تجر مصر لحرب أهلية لا تحمد عواقبها.

في واقع الأمر فالخوف من دخول مصر دوامة الاغتيالات ليس تحليلاً أو توقعاً، بل هو رصد لتصريحات تدعو لذلك، كان أولها تصريح الشيخ محمود شعبان عن جبهة الإنقاذ: «ينبغي قتالهم وإذا اقتضى الأمر قتلهم»، استناداً إلى حديث نبوي يقول: «ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء أحد ينازعه، فاضربوا عنق الآخر»… الأسبوع الماضي نشرت الصحف المصرية لأحد قيادات الإخوان تصريحاً عن قتل المخالفين، الذين سماهم «من يعطلون الاستقرار».

الأجهزة الأمنية في حينها أخذت الفتوى بكل جدية، وكثفت الحراسة على مقري البرادعي وحمدين صباحي، وما زاد المخاوف تزامن الفتوى مع اغتيال المعارض اليساري التونسي شكري بلعيد، وإذا كان جناح الصقور – القطبيين – هو المسيطر اليوم على جماعة الإخوان المسلمين، فيجب ألا ننسى حديث «سيد قطب» في الخمسينات لمجلة «روز اليوسف»، التي رأى فيها أن عبدالناصر يجب أن يغتال مخالفيه سعياً لاستقرار الحكم.

 

جريدة الحياة

http://alhayat.com/OpinionsDetails/499572

الخميس 4 أبريل 2013


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *