يتباين الناس في تحكم العواطف في تصرفاتهم، ولكن الحكم على فئة دائما ما كان مرتبطا بالأغلب أو بالشهره، فالمرأه معروفة بأنها عاطفية أكثر من الرجل، وكذلك الأمريكان عاطفيين في قضايا معينة تؤرقهم كالأمن والخوف من الإرهاب فيسهل استغلالها من الإعلام الموجه ليزرع فيهم ما يسمى الإسلاموفوبيا مثلا.
نحن العرب من أشد الشعوب عاطفية, عاطفتنا ساذجة جدا تجعلنا نعتقد أن مرشحا دون آخر لرئاسة الحكومة في إسرائيل سيكون أكثر حنانا وعطفا على اشقائنا في فلسطين وذلك وهم تناقلته وسائل لإعلام إبان ترشح إيهود باراك عن حزب العمل وكانت تلك أولى إنتخابات بعد انتشار الفضائيات إلى حد ما وزيادة متابعي البث الفضائي.
كانت عبارات المدح تكال لحزب العمل وكانه حزب الرفاة الإسلامي وذكر عن فضائلهم وجنوحهم للسلام وتأييدهم لتعايش الدولتين على أرض واحدة ما لم يقله مالك في الخمر، ولم يذكر كثيرا أنه مجرم حرب وسفاح من الدرجة لأولى لأن التوجه الأول كان مادة إعلان أكثر.
وهناك خلف المحيطات في الولايات المتحدة الأمريكية كان هناك تفاؤل كبير ببلوغ الرئيس جورج دبليو بوش سدة الحكم، وخصوصا أن أباه صلاح الدين الخليج العربي الذي حرر لنا الكويت وبعض من الأراضي شمال شرق السعودية كما زُعم، وكعادتنا إذا مدحنا عمينا عن المثالب، حتى أصبح جورج بوش مكروها أكثر من شارون في العالم العربي بعد غزو أفغانستان والعراق، وعدنا في 2004 لا سيما بعد غزو العراق، وتمنينا أن يحكم إبليس خيرا منه.
نحن الآن في عام 2008 وهو عام أكتملت فيها السجالات الطويلة في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية وخصوصا على نطاق الحزب الديموقراطي، استقر فيها جون ماكين المرشح الأكبر عمرا في تاريخ الرؤساء الأمريكيين إن فاز عن الحزب الجمهوري-الحاكم-، وكان أكبر المتنافسين في الحزب الديموقراطي أسود وإمراءه ربما ليكون كل مرشحي هذي السنة جدد في جنسهم ولونهم وعمرهم.
وأصبح بلا منازع باراك حسين أوباما – كما يحلو لمعارضية وملحقي تهمة المسلم المتخفي به هو مالئ الدنيا وشاغل الناس وأنطلقت عنه المقالات بين خائف أو متمنى له بالقتل أسوة بمارتن لوثر كنج لمقتول في 14 أبريل 1968، أو ما تبناه جون ماكين والمحافظون الجدد عامة من جهلة بالسياسة الخارجية وبأنه لم يزر العراق إلا مرة وأصبحت الآن مرتين.
وتحدث باراك أوباما في إيباك(American Israel Public Affairs Committee) أو لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية بما لم يتحدث به أي مرشح رئاسي أمريكي من قبل من حيث تقديم فروض لطاعة للإسرائيلين، ومما كان فيه تعهده بالقدس عاصمة إسرائيلية وكان ذلك أقل ما يقال عنه بأنه صدمة للعرب الذين راهنوا على هذا المرشح معتقدين أنه يحمل طوق النجاة وفرصة العدالة من القطب الأوحد في العالم أمريكا.
ولكن نفس المرشح باراك أوباما كان يحاول أن يلقن العرب تلقينا في خلال مؤتمرة في الأردن، بأنة أو ماكين أو أي مرشح رئاسي أمريكي، سواء كان ديموقراطيا أو جمهوريا، وحتى بعد فوزه كرئيس أمريكي يكون بالنسبة له أمن إسرائيل سقف الأجنده، وإعتبار حماية مصالحها إسرائيل أو كونها الحليف الإستراتيجي الأول مبدأ لا يستطيع أحد الحياد عنه.
ولكن بالنسبة لي إذا افترضت مجازا أنني امتلك خيار الترشيح فسأختار بلا شك جون ماكين وليس باراك أوباما لأن جون ماكين شخص ناضج وواضح المبادئ، غالب مستشارية من المحافظين الجدد ولن يحيد عن سياسة جورج بوش الإبن كثيرا، بينما المرشحين الشباب أمثال نيكولا ساركوزي أو ذوي أصول عربية أو إسلامية يضلون طول الوقت يقدمون فروض الولاء عسى أن يرضى عنهم ولاتهم وأصحاب اللوبيات المتنفذة في بلدانهم، فالشر الذي تعرف خير من الخير الذي لا تعرف، هذا إذا كان خيرا.
بل إن إحتمالية وصول جون ماكين للحكم مرتبطة كثيرا بظروف العام 2004 عند إعادة ترشيح جورج دابليو بوش فكلاهما لا يحتاج أكثر من عمل إرهابي أو ربما شريط قاعدي، وهذا هو رأي تشارلز بلاك مستشار المرشح الجمهوري ماكين الذي قال: “إن وقوع عملية إرهابية جديدة في الولايات المتحدة على غرار هجمات 11 سبتمبر من شأنها مساعدة ماكين على تحقيق الفوز في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل”، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
إني أعلم علم اليقين أن رأيي هذا لن يعجب الكثيرين ، ولكن أمانه القلم تجبرك أن تكتب ما تِؤمن به لا ما يرضي الناس.
08 أغسطس 2008
اترك تعليقاً