تطرق عدد من كبار الكتاب السعوديين خلال الأيام الماضية إلى مسألة تآكل الطبقة الوسطى في المجتمع السعودي، ومن نافلة القول أن الطبقة الوسطى دائما هي سبب استقرار الدول اقتصاديا واجتماعيا، وتهشم الطبقة الوسطى يسير على وتيرة كبيرة، مع توجه الأغلب لمراتب اقتصادية أقل، ويعتبر الغلاء في المعيشة، وانخفاض الأجور وشح فرص العمل أسبابا رئيسية لتآكل الطبقة الوسطى.
هناك أسباب لرفع التكاليف على المواطنين منها عدم وجود بنية تحتية تسمح بالانتقال بتكاليف أقل، كما أن ارتفاع المهور أصبح حائلا بين العديد من الشباب والزواج، كذلك عدم تماشي المخرجات الأكاديمية لمتطلبات السوق، مما وقف حائلا دون قدرة بعض الخريجات والخريجين على منافسة شاغلي الوظائف في القطاع الخاص من الأجانب.
وبعيداً عن الأسباب التي أدت إلى انحسار الطبقة الوسطى لصالح الطبقة الأدنى، وفي محاولة لإيجاد الأساسيات التي تحمي المواطن من الانحدار إلى مستويات الفقر، يتبين أن أساسيات العيش للمواطن تشمل تملك سكن والحصول على علاج مناسب، أضف إلى ذلك الحصول على تعليم ذي مستوى مناسب ماديا وعلميا، وغير ذلك محل خلاف في ظني.
وربما كان الحل لإيجاد السكن والعلاج المناسبين ليس على عاتق الدولة أو القطاع الخاص بالمطلق، بل وجب أن تقوم كل منشأه بمسؤولياتها تجاه منسوبيها، فلو قدر مثلا لكل مصرف وكل شركة اتصالات أو نفط، بالإضافة إلى المصانع الكبيرة، القيام ببناء مستشفى ووحدات سكنية لمنسوبيها.
تكون تلك المستشفيات الأماكن التي تقدم العلاج لمنسوبي المنشآت خلال فترة خدمتهم، ولكل موظف قضى في خدمة هذه المنشأة عشرين عاما على سبيل المثال، ويشمل ذلك بالطبع علاج ذويهم، حتى ولم يكن ذلك بالمجان بشكل كامل، وبأجور رمزية فقط، كما أن رقابة وزارة الصحة على مستوى الخدمة في غاية الضرورة.
ولو قامت هذه المنشآت ببناء وحدات سكنية وقامت باستقطاع جزء يسير من راتب الموظف، بحيث يستطيع تملك العقار خلال عشرين عاما، سيكون لمثل هذا الموقف الوطني من منشآت القطاعين الخاص والعام الأثر الجيد على انخفاض أسعار العقار بشكل عام، مما يعود بالفائدة على المشتغلين بأعمال خاصة والعاملين في منشآت صغيرة بالنتيجة.
قد يكون هناك ما هو أفضل من هذه الأفكار لحماية الطبقة الوسطى “صمام أمان المجتمع”، ولكنها بالتأكيد لن تتم دون تكافل جميع الأطراف، وعلى رأسها المنشآت الكبيرة.
اترك تعليقاً